ماذا بعد نقابة المعلمين؟!!
د. محمد الخصاونه
19-04-2012 04:14 AM
أما وقد صار هنالك نقابه للمعلمين فإن الكثير من الناس يتطلعون نحو هذا الإنجاز الذي تحقق لمعلمي الوطن بعين من العطف والتأييد... فالمعلم هو ركيزة هامه من ركائز بناء المجتمعات الناجحه وهو بهذا يستحق الثناء والوقفه التي بها نكافيء المجهودات التي يقدمها نحو أهله ووطنه... ويتطلع العديد من الناس بعد هذا الإنجاز ومن المعلمين أنفسهم إلى الأمور التي يمكن تحقيقها للنهوض بالعمليه التعليميه ككل... فالمعلم هو المربي خارج حدود الأسره بل هكذا ينبغي أن ينظر إلى هذا الأمر... والمعلم يستحق منا أنواع المكافأه والتقدير باختلافها، بل علينا أن نعيد الهاله والهيبه إلى هذا المعلم كي تعود لسابق عهدها إذ أن التربيه الأسريه سقطت وفشلت في بلادنا في إنشاء الأجيال التي تنهض بالأمم المنتجه الرائده...
إلا أن موضوع نقابة المعلمين هو بحد ذاته سلاح ذو حدين!! فكما أن النقابه توفر التطلعات التي سعى لها معلموا الوطن، إلا أن وجود مثل هذه النقابه الفتيه يشكل بوابة قوية لفرض الواجبات على المعلمين كما كان لهم من حقوق... فمن الأمور المهمه على مستوى الوطن هو ضرورة وضع الخطط الإستراتيجيه والتعليمات التي ترخص وتنظم عمل المعلم!! وكذلك فإن الجميع يتمنى على هذه الكينونه الوليده وضع الرقابه والتعليمات التي تحكم عمل المعلم المدرسي خارج وقت دوامه الرسمي التابع في غالب الأمر وتعود حاكميته لوزارة التربيه والتعليم لتكون هنالك الأسس لوجود المعاهد التعليميه الربحيه التي باتت منتشره على امتداد الوطن والتي أضرت بمصلحة الدوله الموظفه للمعلم المدرسي!!
إلا أن الناس باتوا مهتمين (ومنهم بطبيعة الحال المعلم نفسه) بضرورة تجنيب هذه النقابه لأنواع التسييسات التي أوبأت باقي النقابات بشتى ألوانها... إلى درجة أن النقابه المهنيه في وقتنا الراهن باتت أسيرة لحفنة من الناس لا تتعدى نسبتهم من كافة المنتسبين العشرون بالمايه أصبحت تحكم وترسم وتضع القرارات وتقرر مصير التبرعات وعلاقات الدوله مع الناس ومع باقي الدول حتى أصبحت ومن وراء الكواليس تدفع وتوجه ما بات يسمى في يومنا الراهن بالربيع العربي إلا درجه أصبحت تخل بأمن المواطن والوطن الذي يؤويه... ومن هنا بات من الضروري توجيه بعض النصح للقائمين على هذه النقابه الوليده من أجل السعي والإنخراط في العمل المهني بشكل أساسي وحسب مما من شأنه النهوض والرقي بمساعي التنميه المستدامه للدوله إذ أن التعليم المدرسي بات يشكل قاعدة الأساس التي يبنى عليها أي نظام جامعي ناجح...
وكذلك فإن نقابة المعلمين هذه باتت من الجهات المسؤوله التي يمكن لها أن تضع الأسس والخطط التي ترفع من سوية إمتحان الثانويه العامه (التوجيهي) الذي لم يعد يشكل المعيار الأمثل لانتقاء الطلبه الجدد في الجامعات إلى تخصصاتهم... وكذلك فإن للنقابه الجديده دور ريادي في دعم المجهود الحكومي لتطوير المناهج والخطط التعليميه بما يتلاءم واحتياجات العصر...
إلا أن هذه النقابه مدعوة أيضاً لإشراك نخبه من أساتذة الجامعات في عضويتها... فأستاذ الجامعه هو بطبيعة عمله معلم في بوتقة الوطن ودوره مكمل لدور المعلم المدرسي... وهنا فلا خوف من احتكار هذه النقابه من قبل أساتذة الجامعات إذ أن العديد من أساتذة الجامعات من المهندسين والأطباء والصيادله والزراعيين والمحامين باتوا أنفسهم يفضون عضويتهم في نقاباتهم الأصيله فهنا لا ضرر ولا ضرار من إشراك النخبه من أساتذة الجامعات نحو تحقيق البناء المطلوب في بنية أبناء المجتمع التعليميه والذين قد يتردد العديد منهم من إشراك أنفسهم بهذا الأمر إلا أن الموضوع بات يتطلب منا الصبر والحكمه في باب إشراكهم في بوتقة هذه النقابه.
أما الدور المركزي للنقابه فيكمن في إرساء دعائم مجتمع مجنب لمناحي الفساد المختلفه من خلال بناء الجيل الفاعل من قادة المستقبل ورعاته... فالتربيه البيتيه باتت تحكمها ما يراه الفرد على قنوات التلفاز من الأمور التي أفقدت الجيل الصاعد هويته فأصبح مقبولاً لدى بعض فئات المجتمع أن ينحرف الفتى أو الفتاه نحو احتراف الإجرام أو الإنحراف الخلقي منذ نعومة الأظفار دون أن يجدوا لهم من يرشدهم أو يوجههم نحو الطريق القويم الذي يجنبنا ظواهر العنف الجامعي بألوانه وجرائم القتل والإنحراف نحو المخدرات والرقيق الأبيض الذي غزى مدارس بناتنا وأصبح المدللون من نفس بني جلدتنا من أبنائنا الذين يظهرون في مرأى ذويهم على أنهم من الأنبياء من شدة خلقهم والتزامهم الديني في المنزل ويكونون في الوقت نفسه من أكثر الناس انحرافاً في الوسط الإجتماعي الذي ينتمون له مستغلين بذلك ثقة الأهل التي وضعت بهم والإستثمار المكلف الذي انغمست به الدوله لتوفير كافة سبل التعليم التي تنهض بهم في نهاية المطاف... إن هذه النقابه الفتيه لن يكون بمقدورها الإدعاء بأنها لن تتمكن من الإسهام في تربية الأجيال مدعية بأن الأهالي وأولياء الأمور يرضون لبناتهم أن ينظر لهن على أنهن سلع يتم تداولهن من على بوابات مدارسهن دون وجود الرقابه المطلوبه لا من الأهل ولا من الدوله نبني بعدها جيلاً من الشباب والشابات المنحرفين من سوء إهمالنا الذي بات علينا وضع حد نهائي له ليتمشى الأمر مع عاداتنا وقيمنا الإجتماعيه والدينيه الأصيله التي لو تشبثنا بها وأضعنا الوسط التعليمي المنحرف الذي بتنا نشهده في عقر دارنا لكان خيراً لنا وأقوم!!!