هآرتس: نُدير ظهورنا للأردن مرة أخرى
18-04-2012 03:09 PM
عمون - هآرتس - د. غاي زيف - (المضمون: الانصراف عن المبادرة الاردنية الى تجديد المحادثات بين الفلسطينيين واسرائيل قد تكون له عواقب وخيمة مثل نشوب انتفاضة ثالثة).
في مثل هذا اليوم قبل 25 سنة لخّص ملك الاردن ووزير خارجية دولة اسرائيل على سلسلة اللقاءات السرية التي أجرياها في لندن بوثيقة كانت ترمي الى حث مسيرة السلام الذاوية بين الدول العربية واسرائيل، الى الأمام.
ولن نعلم أبدا أكان اتفاق لندن الذي صاغه الملك حسين وشمعون بيرس ودعا الى عقد مؤتمر سلام يكون بداية لتفاوض سياسي – كان سيفضي الى اتفاق سلام لأن رئيس الحكومة اسحق شمير طواه في نهاية الامر.
ان ما نعلمه هو ان اسرائيل دفعت ثمنا باهظا عن عناد شمير. ودرس ذلك الاخفاق ذو صلة بهذه الايام التي تولى فيها الاردنيون مرة اخرى زمام المبادرة الى إحياء مسيرة السلام – ولاقوا عدم الاكتراث من اسرائيل والسلطة الفلسطينية معا.
لو أنه تم تبني اتفاق لندن الذي تم التوقيع عليه في الحادي عشر من نيسان 1987 لخدم مصالح اسرائيل والاردن والفلسطينيين. وكانت اسرائيل ستستطيع ان تجري تفاوضا مع وفد اردني فلسطيني لا مع م.ت.ف التي هي أكثر ايمانا بالكفاح. وكان الاردنيون سيحصلون على الاراضي التي احتلتها اسرائيل في 1967 ويتخلص الفلسطينيون من نير الاحتلال الاسرائيلي.
أحبط شمير الذي خشي ضغطا يُستعمل على اسرائيل في مؤتمر دولي، هذا الاتفاق. وكان ذلك قرارا قصير النظر. ففي كانون الاول من ذلك العام نشبت الانتفاضة الاولى وعلى أثرها انتشر العنف في الضفة وغزة والقدس. وفي رد على ذلك أعلن الملك حسين في 31 تموز 1988 فك الارتباط الاداري والقضائي مع الضفة ووضع بذلك حداً لدور الاردن الرسمي في محادثات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وفي خلال اربع سنين وجد شمير نفسه في نفس المؤتمر الدولي الذي خشي منه لكن في شروط أثقل على اسرائيل. وحُكم على اسحق رابين، وريثه، أن يجري تفاوضا مع قائد م.ت.ف المتقلب، ياسر عرفات، بدل الحسين.
يحاول الاردن الآن مرة اخرى ان ينفخ الروح في مسيرة السلام. ففي كانون الثاني استضاف الاردنيون المحادثات التمهيدية في عمان وهم يحاولون منذ ذلك الحين ان يُعيدوا الاسرائيليين والفلسطينيين الى طاولة التفاوض. لكن وكما رفض شمير جهود الملك حسين بالضبط تم استقبال مبادرة الملك عبد الله حتى الآن ايضا بصورة فاترة من قبل بنيامين نتنياهو ومحمود عباس هذه المرة.
لم تثمر خمس جولات محادثات تحسس تقدما كبيرا. فالفلسطينيون يرفضون العودة الى المحادثات ما لم تجمد اسرائيل البناء في المستوطنات وما لم تُفرج عن أسرى من اعضاء فتح وتوافق على عودة الى خطوط 1967. وتهدد حكومة نتنياهو زيادة على رفض هذه الشروط المسبقة بترك المحادثات اذا دامت فتح وحماس على محادثات المصالحة. وفي الاثناء نحى اهتمام اسرائيل بايران العمل بمسيرة السلام. وعند الاردنيين سبب جيد لتشجيع هذه المحادثات. فالملك عبد الله يخشى بسبب الثورات في العالم العربي على الاستقرار في بلاده حيث يوجد سكان فلسطينيون كثيرون. وقد تنتقل انتفاضة ثالثة اذا نشبت، الى الاردن.
وهكذا يضيع الاسرائيليون والفلسطينيون مرة اخرى فرصة لتحقيق حل الدولتين. ان نتنياهو يواجه اليوم أكثر قيادة فلسطينية اعتدالا وبراغماتية في تاريخ الصراع تلتزم بعدم العنف ودولة فلسطينية تعيش في سلام الى جانب اسرائيل. وفي المقابل يواجه عباس حكومة مستقرة جدا من المؤكد أنها ستنجح في ان تروج لتسوية سلمية بين الجمهور الاسرائيلي.
وكما برهنت عشرات السنين لا يوجد في مجرد اجراء محادثات ضمان نجاح. ومع ذلك فان وقفها أشد خطرا. وكما أفضى انهيار اتفاق لندن الى نشوب الانتفاضة الاولى وانصراف الحسين عن المشاركة في تفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين – قد يفضي اخفاق المبادرة الاردنية الحالية الى تجديد سفك الدماء واستبدال زعامة أكثر تطرفا برئاسة حماس كما يبدو بالشريك الفلسطيني المعتدل. وقد تصبح انتفاضة ثالثة علامة بدء لما قد يحدث بعد ذلك وبخاصة ان الطرفين أصبحا أكثر شكا في حل الدولتين.
مترجم.