يعرف النائب المخضرم الدكتور ممدوح العبادي أن اقتراحه الذي حظي باقرار مجلس النواب حول حظر تأسيس الاحزاب على اساس ديني او طائفي او عرقي, لن يمر, رغم التأييد الواسع له داخل مجلس النواب وخارجه, ورغم الوجاهة القانونية والحقوقية والديمقراطية واحترام التعددية.
العبادي كان قد تقدم بهذا الاقتراح ايضا في مجلس النواب الرابع عشر, وبالضبط في جلسة 16 كانون الاول عام ,2004 وللأسف تم افشال الاقتراح التقدمي, بسبب صوت الاسلاميين العالي وحلفائهم, واذا كنا موضوعيين أكثر وأكثر, فإن اقتراحا كهذا, من الظلم تصنيفه فقط على انه ضد حزب جبهة العمل الاسلامي, بل ضد فكرة وجود احزاب على اسس دينية, والعالم حولنا وفي محيطنا يتجه الى هذا, بأحزاب ذات طابع اسلامي مثلا, لكن من غير تثبيت ذلك في الاسم, حتى لا يتم توظيف الدين في السياسة.
رغم إقرار المجلس لما جاء في الفقرة (ب) من المادة الرابعة من مشروع القانون والتي تنص على: "لا يجوز تأسيس الحزب على أساس ديني أو طائفي أو عرقي أو فئوي او على اساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل", فإن لوبيات المجلس بدأت فور اقرار المادة العمل على تجهيز مذكرة تناقش في نهاية إقرار المشروع لالغاء ما قرره المجلس.
ليرحمنا قادة الجماعة الاسلامية قليلا من الصوت العالي, ومن أن هناك استهدافا لهم, فهذه معزوفة لم يتوقفوا عن ترديدها منذ سنوات, ومن تصنيف من يعارض سياساتهم وتوجهاتهم وتكتيكاتهم وصفقاتهم فورا في خانة الاعداء, وليرحمنا ايضا الواهمون في التحالفات السفلية مع الاسلاميين, وخاصة الذين يُجَهّزون انفسهم للانتخابات المقبلة, وبدأوا مبكرا في مغازلة الاسلاميين, لا بأمل الحصول على اصواتهم, فهم يعرفون ان ذلك ابعد لهم من السماء, بل بأمل ان لا يضعهم الاسلاميون في خانة الاعداء, ويبدأون بمهاجمتهم, مثلما فعلوا في انتخابات نقابة المعلمين مع النقابية ادما زريقات.
لم يأت قادة العمل الاسلامي بجديد عندما قالوا ردا على إقرار هذه المادة, بإن لها ابعادا سياسية, فهم حزب سياسي, ويتم التعامل معهم من كل الجهات بأبعاد سياسية, وهم ايضا يتعاملون بأبعاد سياسية, وفي بعض الأحيان بمواقف غير مستوعبة, فكيف بأحد قياداتهم يهاجم كل شيء ولا يعجبه شيء, يصل به الامر الى مدح رئيس الوزراء والحكومة بطريقة غير مقبولة حتى من "كُتّاب الحكومة" ذاتها.
أتدرون كيف مدح احد قياداتهم في مقاله اليومي, قال: "أكاد أجزم أنّ دولة الرئيس لا يعلم عن تصرفات في المجلس الطبي الاردني, التي تسيء إلى الأردن والشعب الأردني عامّة, كما تسيء إلى الناحية الصحيّة والطبية والعلمية للمملكة, فضلاً عن الإساءة للحكومة التي تحاول جاهدة مكافحة الفساد بأقصى قدراتها وطاقاتها".
ليلعب قادة الحركة مع خصومهم في السياسة بالطريقة التي يريدون, لكن من دون تخوين وترهيب, ومن دون منع من دخول الجنة.
يبقى السؤال البسيط, هل يعتقد قادة حزب جبهة العمل الاسلامي أن هناك من يصدق أن حزبهم يضم في عضويته مسيحيين يتفقون مع مبادئ واهداف الحزب?.
osama.rantesi@alarabalyawm.net
العرب اليوم