الإسلاميون في الأردن والقمع البرلماني .. معاذ كساسبة
17-04-2012 08:15 PM
بدى واضحاً بما لا يدعو مجالاً للشك بأن هنالك مساعٍ نيابية لإحكام حلقة التضييق على الحزب الأكبر نفوذاً في الأردن، من خلال العمل على تعديل المادة (4/ب) من مشروع قانون الأحزاب السياسية ليمنع تأسيس الأحزاب على أساس ديني.
حزب جبهة العمل الإسلامي الحزب الأكبر نفوذاً في المملكة أصبح في موضع حرج يهدد تقدمة المتسارع في الحياة السياسية ويدفعه للحد قليلاً من هذا التسارع والتوقف لتصويب أوضاعه بما يتفق مع مشروع القانون اذا ما تم إقراره على الصيغة الموجودة حالياً.
مخطئٌ وواهم من أعتقد أن هذا التوجه البرلماني هو بمثابة الدعوة لوصول لحالة الدولة المدنية ، لأنه ببساطه البرلمان الذي يقدم براءة على طبق من ذهب لكبار المتهمين شعبياً بقضايا فساد هو أبعد ما يكون عن التفكير بهذا التوجه المتقدم، ليست هذه اشارة يتيمة تكفي لنتأكد من استبعاد التوجه نحو دولة مدنية ليكون عرابها برلمان يلوح في اولى مناقشاته لمشروع قانون الانتخاب القادم بالعودة لنظام التصويت الذي أورث وجه الدولة شرخاً واضحاً منذ عشرات السنوات.
هذه الجزئية المعدلة يمكن الالتفاف عليها بسهولة من قبل أي حزب اسلامي ، فالقضية ليست قضية اسم الحزب أو هتاف هذا الحزب، المهم هو جوهر عمل هذا الحزب المتمثل بقيادات هذا الحزب والنمط الفكري المسيطر على عقول اعضاء الحزب وقوة التأثير لمسجلة لهذا الحزب في الشارع الأردني على مر السنوات، كل هذه الأمور لا يمكن تقييدها ولا قمعها لأنها كانت أكثر تماسكا وقوة ورجولة من حركات المراهقة السياسية التي نشهدها في البرلمان الأردني.
ولنفترض جدلاً أن الإخوان المسلمين قاموا بتصويب أوضاعهم وفقاً لمشروع القانون ، ما الذي سيتغير على المشهد السياسي الأردني فسيبقى حزب جبهة العمل الإسلامي هو القوة الضاربة في الحياة السياسية حتى لو أصبح اسمه حزب “السوشي”، إذن مجمل هذه التعديلات المقترحة من مجلس المراهقة السياسية لا يمكن تفسيرها إلا انها محاولة لذر الرماد في العيون ووضع العصي في الدواليب لغايات خلق حالة من البطء لدى هذا الحزب السياسي الذي يدفع بكل قوته لخوض الانتخابات القادمة وفقا لقانون يلبي طموحاته.
ولكي لا أُفهم خطاً بأنني أدافع عن حزب الإخوان المسلمين ، كنت وما زلت أتمنى رؤية برلمان حقيقي يهدف لتأسيس قاعدة متينة لنشوء الدولة الأردنية الجديدة كدولة مدنية ، ورؤية حياة سياسية يترفع فيها إسم الدين عن الخوض فيها، ولكن ما قام به برلماننا الحالي هو استهداف مقصود لحزب جبهة العمل الإسلامي غايته المبطنة هو مفاوضة ومساومة الإسلاميين لخوض الانتخابات القادمة، حيث سيتكون هذه المساومة بعيدة كل البعد عن أيادي مجلس النواب وسيتكفل بهذه المهمة مجلس الأعيان.