د. محمد علي يوسف عكور - لا يستطيع أحدٌ كائناً من كان أن يستغفل شعباً بأسره ، ويعامله كالأطفال في رياض اللهو. ولعل من يقع في هذه الخطيئة يستوجب قول الشاعر :
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
لقد تعصّرت حكومتنا ومجلس الجواز الأحمر واشغلوا اللجان وملأوا أركان الموائد المستديرة وفتحوا شهية الشعب للحرية الحقيقية ، وأسالوا لعاب الديمقراطية المزعومة في فمه المغبّر بالجوع ، واليابس من بطش السياسة الحريرية. وبعد هذا كله تمخّض الجمل وولد فأراً.
لقد جاءوا بديمقراطية منسوجة من خيط الاستبداد، تكبح جماح الطموح، وتسد آفاق التطلع لشعب يبحث عن الحياة الحقيقية.
إن قانون الانتخاب الذي ننتحب لأجله ما هو الا اغتصاب للحرية في عقر طهرها. فهل يسري على شعب واعٍ كالشعب الأردني. وهنا نتساءل أين الديمقراطية في القانون، وقد كبّل أيدي الأحزاب السياسية ووأد الحياة الحزبية إلى غير رجعة. كيف نطالب بحياة حزبية ، وفي الوقت نفسه نعامل الأحزاب بنظام " كوبونات السكر والأرز" حيث جادت علينا إحدى حكومات الماضي بهذه الكوبونات ، وحددت لكل أسرة عدداً معينا منها للسكر وآخر للأرز وثالثا للحليب .
هل أصبحت الديمقراطية بيد الحكومة كيساً من الأرز أو السكر محكوما بكوبون يُمنح لهذا الحزب أو ذاك على أن لا يزيد عن خمسة كوبونات. وهل ترى الحكومة في الشعب قطعانا من الجياع تعاملهم بعقلية الكوبون؟
وثمة وجه آخر لاغتصاب الديمقراطية في هذا القانون ، وهو كوتا المرأة فإذا كانت الحكومة تحترم قرار الشعب فلماذا تفرض عليه " نائبات" رغم أنفه حتى ولو لم يصوت لهن؟ لماذا تطالب الحكومة بتنفيذ اتفاقية "السيداو" الباطلة ، ثم في قانون الانتخاب تميّز النساء وتحتص لهن بخمسة عشر مقعداً؟ هل يبحث المتباكون على المرأة عن العدالة ؟ أم يفتحون مواخير العهر المجتمعي تحت ظل سيف مؤتمر بيجين؟ . ما ميزان الحكومة, وما مكيالها وهل فقدت بوصلتها ؟ أم أنها تنفذ سياسات تسقط علينا كسفا من سماء صندوق النقد الدولي والأمم المتحدة وغراب البين....
رحم الله الديمقراطية وأسكنها فسيح النيران السياسية!