طالب جامعي على حافة الهاوية * هبه وليد صلاح
17-04-2012 05:39 PM
حينما نعاني من مشكلات المؤسسات الحكومية و الخاصة يقولون لنا اجتنبوا تسليط الضوء على السلبيات ، و ابذلوا جهودكم في إبراز الإيجابيات حفاظاً على سمعة الوطن و مداراة على أصحاب المسؤوليات و في النهاية سنكون مجبورين على الترقيع و رش التوابل و البهارات على حساب أنفسنا و ما ننتظره من تنفيذ القليل من الاحتياجات ، و منحنا ما نطلبه من أساسيات ، و لأنني طالبة جامعية سأذكر لكم القليل من الحكايات التي ستشكل فيما بعد روايات من هموم الطلبة في الجامعات ، أيا ترى من أين سأبدأ ؟ من أزمة المواصلات ؟ ... التي هي أكبر معاناة طلاب الجامعات ، فقد شعرنا و لا زلنا نشعر بطعم المرارة و (الشحططة) حينما نقف على الأرصفة و الطرقات دون وجود أي مظلات كالمشردين نلتفت يميناً و يساراً لنترقب قدوم الباصات ، و في النهاية يأتي الباص ، فتتوجه إليه النظرات ، و نهجم عليه هجوم الغزاة ، فنتلقى المدافشات و الكدمات و الكثير من كلمات الاستياء و الاعتراضات ، ... و حين الوصول إلى المحاضرة نستفتح يومنا الجامعي بتأنيب الدكاترة و توجيه المساءلات و كأنه تحقيق جنائي روتيني لا يحتمل تخفيف العقوبات .
أم أبدأ من أساليب التعليم عند البعض من أعضاء الكادر التعليمي في الجامعات ؟ ..
و ما أدراكم ما هي !!! يأتي أحد الدكاترة على المحاضرة و يبدأ في أخذ الحضور و الغياب بكل تجهّم و انفعالات على من يتأخر في بداية المحاضرات متوعداً لهم بالحرمان أو اقتصاص علامات المشاركات ... و يدخل آخر على المحاضرة فيجد الطلاب في غير أماكنهم ، مشتتين هنا و هناك في جميع المساحات ، و حينها تبدأ الطامة الكبرى ، فيلتهب الدكتور غضباً و يتلون وجهه بألوان قوس قزح و ينفجر كقنبلة محملة بالكلمات اتجاه الطلاب و الطالبات معبراً عن استيائه لتلك التصرفات ، منادياً إياهم ( حاسس إني في مدرسة ) ، مما يشعر الطلبة بانخفاض قيمتهم ، كونهم طلاب جامعات ، .... و يدخل دكتور آخر إلى المحاضرة ، يتأهب الطلبة فيها إلى خفايا القرارات التي تشكل بالنسبة لهم أسوء المفاجئات ، فيستعد الدكتور نفسياً ، و يشبك يداً بيد ، مستجمعاً أفكاره ليسرد قراره الملغوم بالمتفجرات ... قائلاً : بعد يومين الامتحان الثاني ، و حينها تهب عواصف طلابية محملة بالاضطرابات ، و الاعتراضات لمصادفة ذلك اليوم وجود امتحان مادة أخرى و لا يحتمل الوضع دراسة مادتين معاً محشوتين بالمعلومات فيكون حينئذ القرار حاسماً و يظلم من يظلم و ينصف من ينصف ، ... فينطق الدكتور كلمات ببرودة أعصاب ما وراءها استنكاراً لشعور الطلبة بالظلم و رداً على إثارة الشغب بسبب قراره الدكتاتوري ( اذا نجح عشرة فيكم بالمادة تعالوا قابلوني ) ...
و لا تقف عند هذا الحد فحسب و إنما تتعد إلى تعزيز مبدأ الواسطات عند الطلبة و جعل طلبة آخرين يحترقون من نتائج هذا المبدأ ، و كذلك العمل على التمييز بين الجنسين الشباب و البنات في كثير من الأمور ، و وضع أسئلة الامتحانات على مستوى معين بحيث لا يمكن لجميع الطلاب الحصول على علامة مرتفعة ، و عدم استيعاب الطلبة و احتوائهم لتنمية قدراتهم و تطوير ذواتهم فالبعض منهم يتحمس للمعايشة التربوية في البداية فمن ثم تهب على همته رياح الفتور ، و كذلك استخدام أساليب يحسد عليها المرء في ردع الطلبة عن التصرفات الخاطئة ، بقولهم ( جيل ما بقدر عليه إلا رب العالمين ) ... ، غبر آبهين بما سيحل بهذا الجيل من إحباط للقدرات و إخماد للاستعدادات في بذل الأفضل ، إذاً هكذا يصنعون أجيالاً تبني صروح المجد !!! .
أم أبدأ من إمكانيات الجامعات لتوفير الجو النفسي المريح للطالب في تلقي العلم و توفير الجو المادي لاستغلال القدرات و تفجير الطاقات و المواهب و الإبداعات ،... آه .. أتحسر على مواهبي التي كادت تدفن مع نوادي الأنشطة الجامعية المدفونة في تربة عمادة شؤون الطلبة ، ... أيا ترى أيحق لهم بعد ذلك أن يتساءلوا عن أسباب العنف الطلابي في الجامعات ؟!!! .
أجيبوني من أين سأبدأ ؟؟ ... من الأفضل لي بأن لا أبد ، لعل البداية ستكون يوما ما هي النهاية .