تحجيم السلبيات وتعظيم الايجابيات ..
عامر المصري
17-04-2012 04:32 PM
يطالب الكثير منا بان نعظم ايجابياتنا ونحجم سلبياتنا بل أحيانا يطلب من بعض أصحاب القلم المهنيين والمتمكنين من اعتماد هذا العنوان كمبدأ في مقالاتهم لكي يعطوا الأمل للقارئ بان هناك جهوداً مبذولة تستحق أن نصبر ونتفاءل منها بمستقبل واعد ولكي نشكر كل من قام بجهد لخدمة الوطن، حتى لو اضر هذا الجهد بالوطن عن غير قصد كما حصل مع الكثير من المسؤولين..
لا مانع من أن نتبع هذا العنوان كأسلوب عندما نكتب في قضايا عامة ولكن ضمن حدود معقولة فكثيرا ما سمي بالسابق انجاز ايجابي نكتشف بعد فترة وجيزة انه تخلف سلبي وضار وفاسد فماذا نقول للكتاب الذين مدحوا وغنوا وهللوا لخصخصة الفوسفات مثلا وكانت مقالاتهم تتصدر عناوين رئيسية في الصحف حول فوائد وصحة وقانونية الخصخصة وهذا ما حصل في الفوسفات تكرر في عقود خصخصة بعض مؤسسات الدولة ومشاريعها الكبرى وفي المقابل كان هناك كتاب من أصحاب الفكر النير يحجّمون السلبيات لدرجة أن قراءهم اعتبروها لا تساوي بعوضة تطير في سماء الوطن.
في هذه الأوقات الضبابية عندما يمسك الكاتب قلمه ويغلق على نفسه كل الأبواب والنوافذ ولا يسمح لشيء أن يزعجه ويبدأ بتجميع أفكاره يجدها مبعثرة ويجد أمامه عشرات العناوين لقضايا الساعة فيبدأ بالكتابة وأسهل ما يجده هو عنوان المقالة الذي غالبا ما كان يتركه للمحرر لكي يختاره من بين سطور مقالته وبعد كتابة العنوان يجد صعوبة كبيرة في تجميع جملة واحدة والسبب ببساطة أن عليه الاختيار بين أن يعظم ايجابيات وانجازات ويحجم سلبيات وإخفاقات فالظروف لا تحتمل إلا أن يكتب حقيقة ما يراه واقعا فهل يكتب ما يروق لرئيس تحرير أو ناشر أو مسؤول أم تراه يكتب ما يرضي إحساسه وضميره.
في الحالتين لن يستطيع أن يكتب فان عظم ايجابيات لأشخاص قد يكونون فاسدين وقع في كفر تضليل الناس وحماية الفاسدين وان اتبع أسلوب ( ما بتصغر إلا لما تكبر) وقع في شرك التحريض وإنكار المعروف للوطن.
أصبحت مهنة القلم أصعب مهنة وكل من يمسك قلمه ليخط رأياً للناس أو ليوضح فكرة سيكون في المستقبل شريكاً في النتائج فإذا كانت نتائج فاسدة فسد ووقع في سين وجيم، لهذا فمن غير المقبول ولا من المعقول أن نعظم ايجابيات ونحجم سلبيات عظمت من عمالقة الكتابة وحجمها كبار المفكرين الاقتصاديين والسياسيين في كافة القضايا الاقتصادية والسياسية وهم الآن متورطون في مصداقية آرائهم التي نشروها ولا يستطيعون التنصل منها لأنها خزنت في أماكن يراها عدد كبير من البشر حسب مكان نشرها.
إن الكثير من القضايا التي عظمناها انقلبنا عليها والكثير من القضايا التي حجمناها اكتشفنا انه كان يجب علينا تكبيرها لكي نتفاداها ونتفادى خطورتها.
لهذا تشوشت الأفكار واختلطت الأمور وتغيرت مبادئ بعض الكتاب، فأسهل ما يجده الكاتب هو أن ينتقد الأداء وأي أداء لأي مسؤول وفي أي موقع لان المسؤول أصبح الحلقة الأضعف في دائرة الوطن وهنا لا نقصد التشكيك في كفاءة هذا المسؤول أو نزاهة ذاك ولكنهم يدفعون ثمن التأييد الأعمى والدعم المطلق الذي كانوا يأخذونه كمسؤولين في كافة المواقع ومن كافة الجهات رغم ضعف اداء البعض منهم.
أما إن قرر الكاتب أن يعظم ايجابيات فسيجد صعوبة كبيرة في بناء ثقة وقناعة بينه وبين من يقرأ كتاباته وهنا تكمن قوة الكاتب الذي يستطيع أن ينظر إلى الضوء في نهاية النفق المظلم ويكتب عنه ليعطي الأمل لقرائه بان في نهاية النفق بوابة وللظلام نهاية وان الضوء الآتي من بعيد هو الهدف الذي نريد الوصول إليه والحقيقة لا يخفيها الظلام.
اللهم احم هذا الوطن واجعله سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين ووفق ملكه لما فيه خير البلاد والعباد وارزقه بطانة صالحه لتكون عونا له في إدارة البلاد وصون كرامة العباد واستغفر الله العظيم لي ولكم ولا حول ولا قوة الا بالله.