وظُلمُ ذوي القربى عن شهداء الأردن فـي فلسطين الحبيبة
ابراهيم العجلوني
20-10-2007 03:00 AM
تعاظمني، واطلق في نفسي سحابة مظلمة من الحزن أن يكون مخرج (وكاتب) المسلسل التلفزيوني الناجح الملك فاروق على ذلك القدر من الجهل بوقائع الصراع العربي الصهيوني، ولا سيما تلك المعارك المشرّفة التي خاضها أبناء الأردن على أرض فلسطين المقدسة، والتي سقط فيها عشرات الشهداء بعد أن أبلوا أحسن البلاء وكبّدوا الأعداء خسائر فادحة لا يزالون يسذكرونها بحقد كظيم، ويتلمسون مواجعهم منها.أجل، تعاظمني أن تبلغ الجهالة (أو سوء القصد) درجة يتناسى المخرج/الكاتب عندها معركة باب الواد المجيدة التي بلغت خسائر الصهاينة فيها ألف قتيل وجريح، أو معركة اللطرون، أو معارك القدس، وما كان من استعادة جانبها الغربي مراراً، ومن استشهاد عشرات الأردنيين على أسوارها، فضلاً عمّا نستيقنه من دور مؤكّد للجنود الأردنيين في فك حصار الفالوجة عن الجيش المصري.
إنّ مثلَ هذا التغافل المتعمد يلفت انتباهنا إلى أن ثمّةَ قصوراً في وسائل إعلامنا الوطنية، وفي مراكز أبحاثنا، وفي مؤسساتنا الأكاديمية، وفي روابطنا الثقافية، هو المسؤول الأول، فيما نعتقد، عن غياب الصورة الحقيقية للدور المشرف لجيشنا العربي في معارك فلسطين، وعن نشوء ألوان من سوء الفهم تسمَحُ بوجود مثل هذه الجريمة النكراء بحق شهدائنا الذين خضبوا بدمائهم الزكية أرضنا الفلسطينية، وأرسوا قواعد وحدتنا الوطنية، واقاموا مثالاً، منقطع النظير، للضحية والفداء.
وإنّ ممّا يعزّزُ البُعْدَ العروبيّ لهذه البطولات أنّها تحققت على الرغم من القيادة الانجليزية التي حرّر الملك الحسين بن طلال رحمه الله جيشنا العربي منها عام 1956م، وعلى الرغم من التفاوت الكبير في العدّة والعَتَاد بين الجانب العربي والجانب الصهيوني.
إنّنا، ونحنْ نُثمّنُ تضحيات جنود مصر المحروسة البواسل، وجنود سورية الأشاوس، وثوار فلسطين الغالية ومجاهديها، وتضحيات كل عربي أو مسلم او نصير للحق في بيت المقدس وأكنافها، فإن مما نراه أمراً لازماً أنّ تعنى مؤسساتنا الثقافية والإعلامية بتقديم الصورة الحقيقية للحضور الأردني في فلسطين، هذا الحضور الذي يقوم على وحدة التاريخ والواقع والمصير، والذي يعتبر أنموذجاً للأخوة الصادقة التي لا تنفصم عُراها أبداً.
أما عن موقف المخرج/الكاتب، وعمّا جاء في مسلسل الملك فاروق من تجنٍّ على الأردن، ومن تنكّر لبطولات أبنائه وتضحياتهم. فذلك كله محمول على ظلم ذوي القربى الذي يبدو أن مما خُصصنا به، في هذه العُدوة من الوادي، أن نتعرض له بين الحين والحين، محتسبين صابرين.
والحمد لله رب العالمين