[ لعله بداية سوء طالع نتقاسم بصبر وسَلَمٍ رضيّين عقابيله مناصفةً نحن و دولة الرئيس ، أن جاءت حكومته بعد حكومتين قرر بعض المراقبين ومعظم فرقاء الطيف في البلاد ، تحديد إقامتهما في دائرة السؤال كي لا نقول تجاوزاً في قفص الإتهام (!) بعد إذ قيل في إداء رئيسيهما ما قاله مالك في الخمر فأنصفوا الأول وظلموا الثاني (!) حتى إذا ما اعترض آخرون على الحكم آنفاً بالقول أنه لا يعدو أن يكون مجرد حكي جرايد أو سواليف حصيدة ، فلا مرجعية إذن إلا حكم الأيام حيث منطق الإنصاف يقضي وبيقين ما يأتيه باطل ، بأن وزارة الخصاونة قد جاءت ومحارق الربيع العربي تراود حدود الوطن ، وتغازل وبكل ما أوتيت من فتنةٍ وقودها شعارات الغاضبين أشواق الشارع الأردني ..

لست أرجم في غيب ما يجري بين الحكومة في إهاب رئيسها المقدر وطنياً ودولياً ، وبين فرقاء الفسيفساء من تلاوين الطيف الذين لا يجمعهم جامع إلا معارضة الرئيس ، إذ يعلم الجميع حقيقة تنافر هؤلاء بامتياز وتدابرهم بإطلاق ، من حيث أنهم لا ينهلون من نبع سياسي أو فكري واحد له نفس الأيديولوجية أو الأدبيات ، بل تتوزعهم كف الريح السياسية إلى شيعَ ومذاهب وحوزات ومشارب بين يسار ويمين – لهم الاحترام على أي حال ، ونحن هنا لا نعني وبأي حكم المواطنين الصادقين من حراك المحافظات فهؤلاء مطالبهم معروفة وعادلة ، والذين أثبتوا ومنذ لحظة خروجهم إلى الشارع أنهم من قبل ومن بعد يفدون الوطن والملك بحبة القلب وماء العين ..
وعليه فإن من حقنا أن نسأل بمنتهى الشفافية والصراحة وبلسانٍ أردني مبين ، لماذا يعارضون دولة الرئيس وينالون من أدائه الوطني الديموقراطي والحضاري بالتالي ؟ ما الذي يرون في ملتهم واعتقادهم أنه على الرئيس أن يقوم به ولم يفعله ؟ هل من أسباب ترقى إلى مستوى الوجاهة ودرجة المنطق تدفعهم إلى نقد أداء الرئيس ؟!
ألم يعترضوا على قانون الصوت الواحد فأجاب الرئيس بأن هذا القانون دفن وإلى الأبد ؟ ألم يغمزوا من قناة الدوائر الوهمية فرد دولته بأنه رافض لهذا المبدأ بقضه وقضيضه ؟ أولم يحاور الأحزاب والنقابات والإعلام وباقي تجليات العمل العام والمجتمع المدني ، قبل تقديم مشاريع قوانين الأحزاب والانتخاب وغيرها ؟ ألم يُبق على لجنة الحوار الوطني وباقي مخرجات الحوارات الأخرى مع تلاوين الطيف ؟ وقدم قانوني المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات وغيرها من القوانين الناظمة للحياة السياسية في الأردن ؟!
نعرف نحن مثلما يعرف هؤلاء الذين كعادتهم يحرفون الكلم عن موضعه والأهم عن غايته ، أن البون جد شاسع وعصي بين مناكفتهم لأهواء ومآرب وأنويّات وبين المعارضة الحقة ، الأولى ونعرفها نكابدها ونجتر ألمها صباحَ مساءَ كما المغص الكلوي ، أما الثانية فهي التي تقف على يسار السلطة تقوم مقام حكومة الظل ، والتي إن لم تكن موجودة فواجب السلطة الأول أن تقوم على إنتاجها ، وهو ما تمارسه على الصعيدين الديموقراطي والسياسي الدول الأكثر تقدماً وتحديداً دول غرب هذا الكوكب على وجه الإجمال ..
ومهما يكن من أمر ذلك كله ، خلوصاً ، فإن مسيرة الإصلاح السياسي تمضي بتؤدةٍ مدروسةٍ وتروٍ حكيمٍ إلى غايتها السامية ، وهذه حقيقة تسطع كما الشمس في أفق مملكتنا الماجدة لا ينكرها إلا متهافت رخيص أو متواطئ مريض ، ولا يحجب نورها الأردني الهاشمي أي غرابٍ من غربان التشكيك الإستباقي أو غربال من غرابيل الفتنة والعمائية وخبط العشواء في العتم الدامس ...! ]

Abudalhoum_myahoo.com