حالة اعلامية فوق عادية وسمت بها مجموعة الحراكات الشعبية والسياسيةفي الاردن تمثلت في تسليط الاضواء وتعظيم مسيرات وحراكات لتظهر اكبر بكثير منحجمها مما جعل الاردنيين والذين راقبوا هذه الحالة يتساءلون فيما بينهم عن الاهدافالحقيقية وراء هذا الاصرار الذي حاول ايهام الرأي العام الدولي والمحلي بأن هناكحالة من العصيان المدني وعدم قبول الاردنيين للوضع العام.

فلعبة خروج مسيرات من المساجد الكبيرة واستغلال وجودمصلين بأعداد كبيرة لايهام الشارع بمسيرات بدت بخلاف حجمها, لقد قال لي بعضالمصلين أنهم يذهبون الى تلك المساجد من باب الفضول والاطلاع والتعرف على ما يجريولقد بات احتساب عدد المتظاهرين لعبة برع فيها الاردنيون في مجالسهم وذلك بتحليلالاعداد التي خرجت على سبيل المثال، فاذا كانت المسيرة تتكون من الف شخص، تناسواكم عدد رجال الامن بالملابس المدنية وكم عدد الصحفيين ومراسلي الصحف وكم عدد الذينخرجوا من المسجد وكانت وجهتهم بنفس وجهة المسيرة اما للوصول الى سياراتهم اومنازلهم او محلاتهم التجارية وكذلك الذين شاركوا المسيرة من باب الفضول.

ان المتابع لهذه المسيرات يلاحظ تكرار نفس الوجوه التيتتكرر في معظمها، واستمرارا لهذه التساؤلات فان الكثير من الاردنيين يطرحون اسئلةتتناول بعض الاشخاص الذين يقفون على رأس بعض الحراكات والتي تتناول تاريخهموسلوكياتهم والاسباب الحقيقية المرتبطة بمنافع لم تتحقق او في مظلمة شخصية تعرضوالها في حياتهم الوظيفية او فشل حلم راودهم في وزارة او نيابة او غير ذلك والسؤالالاكثر ترددا في مجالس الاردنيين كان حول اشخاص ظهروا فجأة على الساحة السياسيةوالاجتماعية بعيد الربيع العربي والتي ساهمت بعض الوسائل الاعلامية المحليةوالاقليمية باظهارهم بكثافة على شاشاتها او صحفها ومواقعها الالكترونية والسؤالكان باستمرار اين كان هؤلاء المناضلون قبل عام؟ ولماذا لم نسمع عنهم الا الآنولماذا التخصص والاصرار فقط على اصلاح هدفه تقليص صلاحيات الملك؟ أولسنا بحاجة الىاصلاحات اقتصادية وتعليمية وصحية وادارية وغيرها؟!.

بالامس، شاركت ومجموعة من زملائي في حزب الاتحاد الوطنيجنباً الى جنب مع اخوة لنا في حزب الرسالة والحزب الوطني الدستوري واحزاب اخرى فيهذه المسيرة واعترف بأنني وقبل المسيرة بايام كنت على قناعة بأنها مسيرة عاديةمتواضعة وخلال اليوميين الذين سبقا تاريخ المسيرة تلقيت ورئيس حزب الاتحاد عشراتالاتصالات الهاتفية من اصدقاء واعضاء حزب ومعارف من الزرقاء مؤكدين رغبتهم فيمشاركة الحزب في هذا الحدث ولمست من خلال هذه الاتصالات صدق المنظمين في ارسالرسالة واضحة وقوية تؤكد موقفهم من الحالة السياسية والاعلامية التي يعيشها الوطن..فكانت المسيرة وسرنا مع زملائنا فيها لمدة ساعة وصولا الى موقع الاحتفال، فالذيشهدته ورأيته جعلني انكب على تحليل هذا الحدث واستيعاب الرسائل السياسية التي خرجتمنه انني وانا ابن الزرقاء وتشرفت ان اكون نائباً عنها حيث خضت ثلاثة انتخاباتنيابية وانتخابات غرفة الصناعة والتي حصلت فيها على اعلى الاصوات وشاركت مراتعديدة في دعم مرشحين في الغرفة التجارية والبلدية ومؤسسات المجتمع المدني وكنتنشطا فاعلا وعلى مدة العشرين عاما الماضية.

وأدعي انني اعرف اكثر ابناء الزرقاء من كافة الاصولوالمنابت ولا اعتقد ان هناك مرشحاً للانتخابات النيابية السابقة قد تجول بينالمواطنين وعمل لقاءات سياسية في كافة مناطق المحافظة اكثر مني الامر الذي جعلنياعرف الزرقاء برموزها ونشطائها وتوجهات ابنائها بشكل ممتاز واعرف اذا كانت هناكمسيرة او حفل من تنظيم حكومي او اجهزة امنية او غيرها.

جاء نموذج الزرقاء زيارة جلالة الملك الى الباديةالشمالية التي أثبت فيها مئات الالاف الذين خرجوا على مدى يومين لاستقبال الملكوالحديث اليه ليوصلوا ايضاً مع رسالة الولاء للدولة، قلقاً واضحاً من اختطافالشارع الاردني من جانب حفنة قليلة تريد السيطرة على مجريات الامور وجر البلد الىاحد نماذج الجوار السوري او المصري او الليبي او اليمني وهي نماذج ثبت ان هناك منسخرها لمزيد من الاحقاد والخراب، فيما الرسالة الاهم كانت تتعلق بان هؤلاء جاءوابشكل طوعي دون تدخل او تحريك، بما يؤثر على مشاعر الناس الذين باتوا منزعجين منالقلة الصاخبة وذات الصوت المرتفع.

نعم.. هكذا كانت مسيرة الزرقاء.. مسيرة حقيقية.. كلالفئات السكانية من جهوية او عرقية او دينية ساهمت فيها ولقد لمست صدق وجديةالمشاركين واصرارهم على ايصال الرسالة والتي عبرت بكل ببساطة نحن مع النظام والوطنوكفانا عبثاً بامننا واستقرارنا واننا قد قررنا ان نخرج من صمتنا وان نتحول الىقوة شعبية متماسكة تتصدى لكل من يحاول المساس بامننا واستمرار مسيرتنا الناهضة.

مسيرة الزرقاء وتجاوز من شاركوا فيها على 50 الف مواطنهي بدون شك حجر زاوية هام في تاريخ الاردن الحديث وخاصة بعد الربيع العربيوالمطلوب الان تنظيم هذا كتوجه عام خاصة ان الزرقاء حالة اردنية غير عادية فهيالمحافظة الاكثر فقراً والاكثر مزيجاً في تكوينها. فتركيبة المسيرة كان الحدثالاهم فكل الفئات السكانية من كل الاصول والمنابت ساهمت فيها فلا شك ان رسالتهابهذه القوة هي رسالة الاردنيين الصادقة لمن يحاولون الصيد في المياه العكرة.

وهي رسالة الاردنيين الخلصاء اننا مع الوطن نسند وندعمونحمي من يهدف عزته وكبرياءه ونحمي مكتسباته ونقف سداًً منيعاً في وجه دعاة الفتنةوالخراب الطامحين من وراء ذلك لتحقيق ما يصبون اليه في نشر الفوضى والتخريب والعبثبامن الوطن والمواطن والاساءة للاردن والاردنيين اما سياسياً او اقتصادياً.

نعم.. قال الاردنيون من شماله الى جنوبه.. كشف القناع عنالوجوه الهادفة الى تعكير صفو مسيرة الوطن والعبث بمقدراته ومكتسباته وامنهواستقراره الذي مثل حالة متميزة بين دول المنطقة شهد لها القاصي قبل الداني.