"ميلاد" تحذر من فرض الترخيص على المواقع الالكترونية
16-04-2012 07:16 PM
** منصور: فرض الترخيص على المواقع الالكترونية قيد على حريتها ويمهد الطريق لسيطرة الحكومة عليها
** قطيشات: القرار غير قابل للتطبيق العملي والإصرار عليه يعني مطالبة جوجل وفيسبوك ويوتيوب بالترخيص والتسجيل بالأردن
عمون - أكد مركز حماية وحرية الصحفيين أن قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين الذي يطالب المواقع الإخبارية الالكترونية بضرورة استكمال إجراءات الترخيص سنداً لقانون المطبوعات والنشر يشكل قيداً على حرية الإعلام ويمهد الطريق لتمكين الحكومة وأجهزتها من السيطرة على الإعلام الالكتروني.
وقال المركز في بيان صادر عنه "إن رد الفعل الرافض لمحاولات الحكومة بتمرير مشروع قانون للإعلام الالكتروني دفعهم إلى الطلب من ديوان تفسير القوانين لتفسير المقصود بالتسجيل في سعي محموم لإيجاد وسيلة للضغط على المواقع الالكترونية وإجبارها على الترخيص والتسجيل بعد ان رفضت الغالبية الامتثال لذلك منذ تعديل قانون المطبوعات والنشر في العام الماضي والحديث عن حزمة حوافز للمواقع التي تقوم بالتسجيل الاختياري.
وأعاد الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور إلى الأذهان بأن المركز كان قد حذر من تعديل قانون المطبوعات والنشر بإضافة نص التسجيل الاختياري ووصف هذا الأمر في حينه بأنه "مصيدة" للإعلام الالكتروني، مؤكداً أن ما حذر منه المركز حدث بصدور القرار الخاص بتفسير القوانين يوم 9/4/2012 والذي اشترط على كل المواقع استكمال إجراءات الترخيص، وإلا عوقبت بغرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تزيد عن 10 آلاف دينار.
واعتبر منصور هذا القرار يتعارض مع التزامات الأردن بحرية الانترنت، وسابقة دولية لا مثيل لها في فرض قيود على الإعلام الالكتروني وإخضاعه لشروط الترخيص المسبق.
وقال منصور أن محاولات السلطة التنفيذية للتحكم بالإعلام الالكتروني دفعتها للتخبط التشريعي والقانوني، مذكراً بقانون أنظمة المعلومات الذي خلق أزمة في البلاد، وتبعها تعديل قانون المطبوعات والنشر العام الماضي، وخلالها جرت محاولات تمرير المادة 23 في قانون هيئة مكافحة الفساد، مشيراً إلى أن كل ذلك أيضاً بما فيه قرار محكمة التمييز الموقرة رقم 1729 بتاريخ 10/1/2010 والذي أخضع المواقع الالكترونية لقانون المطبوعات خلق إشكاليات قانونية في التطبيقات القضائية تبدأ بمرحلة التحقيق وتصل إلى مرحلة التقاضي.
ولمواجهة الأخطار التي تهدد صناعة الإعلام الالكتروني وحرية الإعلام قدم مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" والتابعة لمركز حماية وحرية الصحفيين المحامي محمد قطيشات مطالعة قانونية سلطت الضوء على محاولات الحكومة لضبط المواقع الالكترونية قانونياً منذ عام 2007، وتبعها قراءة قانونية في قرار ديوان تفسير القوانين.
وأوضح المحامي قطيشات في مطالعته أن أولى الإشكاليات الناشئة كانت حول المحكمة المختصة في النظر في القضايا المقامة على المواقع الالكترونية .. هل هي محكمة البداية أم محكمة الصلح، وما يترتب على ذلك من اختلاف في العقوبات؟
وسجل قطيشات ملاحظات على قرار ديوان تفسير القوانين أبرزها أن تعريف المطبوعة الصحفية في المادة 12 من قانون المطبوعات والنشر لا ينطبق على الإعلام الالكتروني.
وبين أن الاصرار على ترخيص ما يمكن تسميته المطبوعات الالكترونية يعني مطالبة جوجل وياهو وفيسبوك واليوتيوب وتويتر وغيرها من المواقع العالمية الالكترونية بضرورة الترخيص والتسجيل في الأردن وإلا ستطبق عليها الغرامات المنصوص عليها بقانون المطبوعات والنشر.
وتابع قوله: أن قرار ديوان تفسير القوانين غير قابل للتطبيق على أرض الواقع لأن المادة 13 من قانون المطبوعات والنشر تشترط لمنح الترخيص أن يتم تسجيل المطبوعة كشركة وفقاً لأحكام قانون الشركات الأردني النافذ، وهذا يعني أن كل المواقع بغض النظر عن لغتها ومكانها في العالم مجبرة على التسجيل في الأردن.
ونوهت المطالعة القانونية بإشكالية لم يتعامل معها القرار وهو سؤال مفصلي ما هو المقصود بمكان طباعة وصدور الموقع الالكتروني خاصة وأن هناك جدلاً فقهياً وقانونيا وتقنياً كبيراً حول مسالة تحديد مكان صدور الموقع الالكتروني، حيث لم يراعي القرار بأن المساحة الافتراضية لانطلاق بث الموقع الإخباري ليست من الأردن وتملكها شركات دولية لها مساحات على شبكة المعلومات الدولية "الانترنت".
وعارضت المطالعة التي قدمها قطيشات اعتبار المواقع الالكترونية شخصية اعتبارية وهي ليست كذلك سنداً للمادة 50 من القانون المدني والذي يعتبرها إحدى الخدمات التي يقدمها الانترنت.
وفيما يلي نص المطالعة القانونية :
مطالعة قانونية حول قرار ديوان تفسير القوانين باشتراط ترخيص المواقع الالكترونية والسعي الحكومي للسيطرة عليها
المحامي محمد قطيشات :
في الربع الاخير من العام 2007 ودون سابق انذار أصدرت دائرة المطبوعات والنشر قرارا غريباً من نوعه وهو اخضاع المواقع الالكترونية بما فيها " الصحف الالكترونية والمدونات " لقانون المطبوعات والنشر ، و الاكثر غرابة ان هذا القرار استند الى قرار ديوان الراي والتشريع في مجلس الوزراء . وما يزيل هذه الغرابة – من وجهة نظري – ان هذا القرار يتفق مع التوجهات الحكومية في تقييد حرية الاعلام مهما كانت وسيلة النشر.
وخلال العامين 2008 و2009 أقيمت العديد من القضايا على المواقع الالكترونية بشكل متخبط ، فقسم منها اقيم أمام محاكم الصلح وقسم منها اقيم أمام النيابة العامة التي أحالتها بدروها الى محاكم البداية ، وبعضها اقيم على أشخاص ليسوا خصوم أساسا نظرا للخلط في قواعد المسؤولية القانونية للمسؤولين عن المواقع الاخبارية الالكترونية.
إضافة إلى التخبط في الجرائم المسندة للإعلاميين وللمواقع الإخبارية الالكترونية فمنها اسند جرائم خلافا لقانون الاتصالات واخرى اسند خلافا لقانون المعاملات الالكترونية وقانون المطبوعات والنشر وأخرى وفقا لقانون العقوبات.
الأمر الذي ترتب عليه انتقال متعدد للقضية بين قضاة محاكم الصلح وبين المدعين العامين وبين محاكم البداية وبين محاكم الاستئناف دون الدخول بعد في موضوع القضية.
ومنذ ذلك الحين ولغاية الآن ظلت الإشكاليات القانونية حول الإطار القانوني الناظم للجرائم التي ترتكب بواسطة المواقع الالكترونية على حالها.
لكن كان هناك محاولات حكومية في إعداد قوانين لتقييد عمل المواقع الالكترونية . كان من ضمنها قانون أنظمة المعلومات للعام 2009 . الذي نقل مضمونه من قانون الإمارات العربي الاسترشادي لمكافحة جرائم تقنية المعلومات وما في حكمها
ومن أهم الملاحظات التي يمكن إبداءها على ذلك القانون الآتي :
استخدام ألفاظ مطاطية و فضفاضة ومرنة لا يوجد لها ضابط محدد ومعيار منضبط كالمبادئ العامة والأخلاق العامة والقيم الدينية .
المخالفة الصارخة للمعايير الدولية لحرية الاعلام والتي تتمثل بالمعاهدات الدولية التي وقع وصادق عليها الاردن مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق العربي لحقوق الانسان . ناهيك عن مخالفة المادة 15 من الدستور الاردني .
وفي العام 2009 انعكست تلك الاشكاليات القانونية على التطبيقات القضائية ،والتي تبدأ من مرحلة التحقيق التي تقوم بها النيابة العامة وتنتهي بمرحلة التقاضي على درجتيه.
ودارت تلك الإشكاليات حول مسألتين ، الأولى: المحكمة المختصة بين محكمة البداية ومحكمة الصلح وما يترتب عليها من اختلاف في الإجراءات والجهة التي تباشر دعوى الحق العام وتتابعها امام المحكمة2 واختلاف أيضا في مدد الطعون والجهات التي تنظر الطعون . أما المسالة الثانية : النصوص القانونية الواجبة التطبيق الجرائم المرتكبة بواسطة المواقع الالكترونية وما يترتب عليها من اختلافات في العقوبات .
واعتقد البعض ان تلك الاشكاليات زالت بصدور قرار محكمة التمييز الاردنية (جزاء) رقم 1729/2009 (هيئة خماسية) تاريخ 10/1/2010 والذي أخضع المواقع الاخبارية الالكترونية لقانون المطبوعات والنشر حيث جاء في هذا القرار الآتي :
( 1. يستفاد من نص المادة الثانية من قانون المطبوعات والنشر أن هناك نوعين من المطبوعات أشار إليهما المشرع في هذه المادة وهما :-
النــوع الأول :- ويشمل المطبوعة بشكل عام وقد عرفها المشرع بأنها كل وسيلة نشر دونت فيها المعاني أو الكلمات أو الأفكار بأي طريقة من الطرق .
النـوع الثانـي :- ويشمل المطبوعة الدورية وهي المطبوعة الصحفية المتخصصة بكل أنواعها والتي تصدر في فترات منتظمة .
وأن مناط الفصل في هذه الدعوى يتوقف على بيان ما إذا كان الموقع الالكتروني يعتبر مطبوعة وفقاً لتعريف المطبوعة الوارد في قانون المطبوعات والنشر أم لا . وفي هذا فانه إذا كان النوع الثاني لا يتسع نطاقه لشمول المواقع الالكترونية على اعتبار أن هذا النوع وحسبما جاء بتعريف المشرع للمطبوعة الدورية بأنها تقتصر على المطبوعات الصحفية التي تصدر في فترات منتظمة ولا يعتبر الموقع الالكتروني بأي حال من الأحوال مطبوعة صحفية ، فإن النوع الأول يتسع نطاقه لشمول المواقع الالكترونية ، على اعتبار أن هذا النوع وحسبما جاء بتعريف المشرع للمطبوعة بأنها كل وسيلة نشر تدون فيها الأفكار والكلمات بأي طريقة كانت ، وفي هذا فإن الموقع الالكتروني هو وسيلة من الوسائل التي يتم فيها تدوين الأفكار والمقالات ونشرها ، وبالتالي فإن المواقع الالكترونية تعتبر من المطبوعات وفقاً لتعريف المطبوعة الوارد في قانون المطبوعات والنشر وتخضع لأحكامه . كما أن المادة الخامسة من ذات القانون وعندما نصت على ما يتوجب على المطبوعـات القيام بـه من احتـرام الحقيقة والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية ... نصت على المطبوعات بشكل عام وحسبما جاء بالتعريف العام للمطبوعة وليس كما جاء بتعريف المطبوعة الدورية الأمر الذي يستخلص منه أن المشرع ميز في هذا القانون بين نوعين من المطبوعات ، المطبوعات بصفة عامة والمطبوعات الدورية بصفة خاصة وأن المواقع الالكترونية تدخل ضمن تعريف المطبوعات بصفة عامة وتخضع لأحكام قانون المطبوعات والنشر .) انتهى القرار .
ومع الاخذ بعين الاعتبار بأن القرار السابق انما هو اجتهاد قضائي وليس سابقة قضائية كونه صادر من هيئة خماسية وليس هيئة عامة وبالتالي هو اجتهاد غير ملزم الا للقضاة الادنى في ذات القضية الصادر فيها ذلك القرار دون غيرهم، ومع الاخذ أيضا ان باب الاجتهاد القضائي مفتوح امام القضاة جميعاً ، استمرت العديد من الاسئلة حول قانونية التوجه القائل بتطبيق قانون المطبوعات والنشر على المواقع الالكترونية.
على أي حال يمكن وصف التداعيات القانونية لذلك القرار القضائي بأنها كانت متخبطة، فمن جهة ، حاولت دائرة المطبوعات والنشر الاستفادة من القرار القضائي في فرض رقابتها على المواقع الالكترونية من خلال اخضاعها لشروط الترخيص والعمل الواردة في قانون المطبوعات والنشر والخاصة بالمطبوعات الورقية مثل ضرورة موافقة مجلس الوزارء على منح الترخيص وضرورة وجود رئيس تحرير مسجل في نقابة الصحفيين ، الا ان تلك المحاولات باءت بالفشل ، نظرا للشروحات القانونية التي أعقبت القرار القضائي والتي فسرت أن قانون المطبوعات والنشر ينطبق على الصحافة الالكترونية فقط فيما يتعلق بالجرائم دون الاجراءات التنظيمية .
ومن جهة اخرى وعلى الفور أصدر قضاة محاكم الصلح الذين ينظرون في القضايا التي اقيمت على المواقع الالكترونية قرارات بعدم اختصاصهم في نظر هذه القضايا واحالتها الى المدعي العام .
الأمر الذي ادى الى مثول عدد كبير من الإعلاميين أمام المدعين العامين ، ونتج عنها تحويل بعضهم الى نيابة محكمة امن الدولة .
أما المدعون العامون اعتمدوا مباشرة على قانون المطبوعات والنشر لإسناد التهم للمواقع الالكترونية والإعلاميين ، وقاموا بإحالة تلك الدعاوى الى محكمة البداية المختصة .
ولكن يبدو أن الحكومة لم تكن مقتنعه بان قرار محكمة التمييز الموقرة هو الحل القانوني الأمثل في حسم الاشكالية القانونية حول انطباق قانون المطبوعات والنشر على المواقع الاخبارية الالكترونية. نظرا لمخالفة بعض الاجتهادات القانونية لذلك الاجتهاد القضائي من جهة ، ولعدم تلبيته لأمنيات الحكومة في انطباق شروط الترخيص المسبق واجراءاته على المواقع الالكترونية.
لذا نجدها احالت مشروع قانون معدل لقانون المطبوعات والنشر الى البرلمان والذي صدر بموجب القانون رقم 17 لسنة 2011 والذي عدل تعريف المطبوعة الوارد في المادة الثانية من القانون الاصلي ليصبح (المطبوعة: كل وسيلة نشر دونت فيها المعاني أو الكلمات أو الافكار بأي طريقة من الطرق بما فيها الوسائل الالكترونية أو الرقمية أو التقنية).
كما عدل القانون المعدل ايضا المادة الثانية من القانون الأصلي باضافة نوع جديد من أنواع المطبوعات الدورية وهو المطبوعة الالكترونية والتي عرفها بالآتي:( موقع الكتروني له عنوان الكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر ، بما في ذلك الاخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات ، ويختار التسجيل في سجل خاص ينشا في الدائرة بموجب تعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية.)
كما و عدل ذات القانون المادة 49 من القانون الأصلي لتنص على: (لا تستفيد المطبوعة الالكترونية ومالكها وناشرها وكتابها وصحافيوها والعاملون فيها من مزايا هذا القانون ما تكن مرخصة ومسجلة وفقا لاحكامه).
ويبدو أن جهود الحكومة في تقييد عمل المواقع الالكترونية لم تفلح بالرغم من ذلك القانون المعدل لان، هذا القانون المعدل وردت عليه العديد من الملاحظات القانونية والتي تصب في نهاية الامر بعدم انطباق قانون المطبوعات والنشر على المواقع الالكترونية الاخبارية التي لم تختار التسجيل في السجل الخاص بدائرة المطبوعات والنشر.
لذا لم يكن امامها سوى تسريب مسودة لاقتراح مشروع قانون للمواقع الالكترونية ولم تفلح كل الجهود في الترويج له لان التصورات الأولية المقدمة فيه قمعية ومقيدة بامتياز نظرا للقيود التشريعية التي فرضت على المواقع الالكترونية ولمخالفته للاطار الدستوري وللمعايير الدولية لحرية الاعلام ولحرية الرأي والتعبيرمن جهة ، ولأنه غير قابل للتطبيق تقنياً على أرض الواقع وليصبح نوعا من أنواع اللغو لأنه تعامل مع المواقع الالكترونية الاخبارية بأنها صحف ورقية .اضافة الى أنه يجعل الاردن الدولة الأولى في العالم التي تطلب ترخيصا مسبوقا من المواقع الالكترونية الاخبارية . وان لم تكن الدولة الوحيدة التي تسعى لتنظيم عمل تلك المواقع والجرائم المرتكبة بواسطتها.
وكحل اخير طلب رئيس الوزراء بكتابه رقم ( م/31327 ) تاريخ 26/11/2011 من الديوان الخاص بتفسير القوانين تفسير المقصود بالتسجيل الوارد في تعريف " المطبوعة الالكترونية " الوارد في المادة 2 من قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 وهل تنطبق شروط ترخيص المطبوعة الصحفية المنصوص عليها في القانون ذاته ونظام الرسوم الصادر بمقتضاه على المطبوعة الالكترونية ، والذي كان قد أصدر قراره بتاريخ 9/4/2012. بما هو آت:
( ان المستفاد من هذه النصوص القانونية ( 2 و 48 و49 ) أن المشرع اعتبر المطبوعة الالكترونية نوعا من أنواع المطبوعات الصحفية ، وان اعطاء القانون للمطبوعة الالكترونية حق اختيار التسجيل لا يعفيها من استكمال اجراءات الترخيص وفق احكام القانون قبل ممارسة اعمالها ، وان المطبوعة الالكترونية تخضع لذات شروط ترخيص المطبوعة الصحفية المنصوص عليها في قانون المطبوعات والنشر ويتوجب عليها بصفتها مطبوعة صحفية دورية الحصول على الترخيص قبل صدورها، وبخلاف ذلك تكون عرضه لتغريمها وفق احكام المادة 48 من القانون ذاته ، وتكون أيضا وفق نص المادة 49 من القانون ذاته غير مستفيدة هي ومالكها وناشرها وكتابها وصحافيوها والعاملون فيها من مزايا قانون المطبوعات والنشر ما لم تكن مرخصة ومسجلة وفقا لاحكامه ومن هذه المزايا ما هو منصوص عليها في المادة 8 من ذات القانون والتي تعطي للصحفي . )
وأضاف القرار: ( أما بخصوص شمولها بنظام الرسوم رقم ( 112) لسنة 2008 ساري المفعول حتى تاريخ الصادر بمقتضى المادة 94 من قانون المطبوعات والنشر وتعديلاته فانه لم يرد ذكر للمطبوعة الالكترونية في المادة 3 منه والتي حددت على سبيل الحصر المؤسسات الخاضعة لهذا الرسم ومقدار الرسوم القانونية لغايات الحصول على الترخيص وبالتالي وعملا باحكام المادة 111 من الدستور والتي تنص على أنه ( لا تفرض ضريبة أو رسم الابقانون ) تكون المطبوعة الالكترونية غير خاضعة لرسم الترخيص. )
ومع كامل الاحترام والتقدير لقرار الديوان الخاص بتفسير القوانين ، الا أننا نضع بعض الملاحظات القانونية على ذلك القرار من باب الشروحات القانونية ، خاصة أن ذلك القرار وان كان له مفعول القانون وقوته من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية سندا لاحكام المادة 123 من الدستور الا أنه ليس قرارا قضائيا بالنتيجة .
الملاحظات القانونية على قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين بخصوص ترخيص المطبوعات الالكترونية
أولاً:
ان التعريف الوارد للمطبوعة الالكترونية انما يجب ان يأخذ كوحدة واحدة عند تفسيره ولا يجوز اجتزاءه ، وعندما يقول المشرع أن المطبوعة الالكترونية : (موقع الكتروني له عنوان الكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر ، بما في ذلك الاخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات ، ويختار التسجيل في سجل خاص ينشا في الدائرة بموجب تعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية.)
فانه يقصد أن الموقع الالكتروني الذي لا يختار التسجيل في السجل الخاص بدائرة المطبوعات والنشر لا يعتبر مطبوعة الكترونية أساساً وفقا لمفهوم المشرع الاردني . وهذه مسألة مختلفة عن خضوع المطبوعة الالكترونية لقانون المطبوعات والنشر أم لا.
وهذا ما لم يتم مراعاته في قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين. حيث تم اجتزاء التعريف وصدر بناء على التعريف المجتزء.
حيث أشار القرار الى ( وإن اعطاء القانون للمطبوعة الالكترونية حق اختيار التسجيل لا يعفيها من استكمال اجراءات الترخيص,,, ).
ثانياً :
وبالتالي ان المادة 12 قانون المطبوعات والنشر لا يمكن ان تنطبق على المطبوعات الالكترونية حيث تنص على : (مع مراعاة احكام الفقرتين (أ) و (ب) من المادة (11) من هذا القانون يقدم طلب الحصول على رخصة اصدار مطبوعة صحفية او متخصصة الى الوزير متضمنا البيانات التالية:
أ. اسم طالب الرخصة ومحل اقامته وعنوانه.
ب. اسم المطبوعة ومكان طبعها وصدورها.
ج. مواعيد صدورها.
د. مادة تخصصها.
هـ. اللغة او اللغات التي تصدر بها.
و. اسم رئيس تحرير المطبوعة الصحفية .
ز. اسم مدير المطبوعة المتخصصة .)
لان المطبوعة الصحفية المقصودة في هذه المادة هي المطبوعة الصحفية الوارد تعريفها في المادة الثانية من ذات القانون والتي نصت على :
المطبوعة الصحفية وتشمل ما يلي:
1. المطبوعة اليومية : المطبوعة التي تصدر يوميا بصورة مستمرة باسم معين وارقام متتابعة وتكون معدة للتوزيع على الجمهور.
2. المطبوعة غير اليومية : المطبوعة التي تصدر بصورة منتظمة مرة في الاسبوع او على فترات اطول وتكون معدة للتوزيع على الجمهور.
3. المطبوعة الالكترونية : موقع الكتروني له عنوان الكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر ، بما في ذلك الاخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات ، ويختار التسجيل في سجل خاص ينشا في الدائرة بموجب تعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية.
فطالما ان الموقع الالكتروني الذي له عنوان الكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر ، بما في ذلك الاخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات ، لم يختار التسجيل في سجل خاص ، فلا يكون من ضمن المطبوعات الصحفية التي يمكن ان تنطبق عليها المادة 12 مطبوعات ونشر.
وان القول بخلاف ذلك وكما يذهب اليه قرار ديوان تفسير القوانين سيؤدي الى التالي:
سيجعل من القائمين على عمل المواقع الالكترونية مثل الياهو والجوجل والفايس بوك واليوتيوب وغيرها من المواقع الالكترونية العالمية التي تقدم الاخبار والتقارير والتحققيات والمقالات وهي بالملايين وبغض النظر على لغتها مواقع الكترونية مخالفة لنص المادة 48 مطبوعات ونشر والتي تعاقب على العمل دون ترخيص بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تزيد على عشرة آلاف دينار عن كل ممارسة. وهذا بالطبع غير منطقي.
سيجعل قرار ديوان تفسير القوانين غير قابل للتطبيق على أرض الواقع من عدة وجوه : - أن المادة 13 من قانون المطبوعات والنشر تشترط لمنح رخصة لاصدار المطبوعة الصحفية او المتخصصة ان يتم تسجيلها كشركة وفقا لاحكام قانون الشركات النافذ المفعول. وهذا يعني أن جميع المواقع الالكترونية التي تقدم خدمة الاخبار والمقالات بغض النظر عن لغتها ومكانها من العالم مجبرة على تسجيل شركة في الاردن وفقا لقانون الشركات الاردني . وهذا غير قابل للتطبيق.
وبالفرض الساقط جواز ما تقدم الا أنه سيجبر دائرة المطبوعات والنشر على استقبال طلبات ترخيص لمواقع الكترونية مهما كانت لغتها ومهما كان صدروها ومكان طباعة موادها وفي اي مكان في العالم.
وذلك لان المادة 12 من قانون المطبوعات والنشر المشار اليها اعلاه نصت:
(يقدم طلب الحصول على رخصة اصدار مطبوعة صحفية او متخصصة الى الوزير متضمنا البيانات التالية:
أ. اسم طالب الرخصة ومحل اقامته وعنوانه.
ب. اسم المطبوعة ومكان طبعها وصدورها. )
ولم يتعرض قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين ما هو المقصود بمكان طبعها وصدورها وهل هذا الامر متعلق بالاردن فقط ام لا ، وما هو المكان المقصود بمكان صدور الموقع الالكتروني. خاصة أن هناك جدل فقهي وقانوني وتقني كبير على مسالة تحديد مكان صدور المواقع الالكترونية .
ولكن الواضح من القرار أن جميع الامور التقنية – مع الاحترام والتقدير- لم تكن محل اعتبار في ذلك القرار ، وكان القرار بعيدا كل البعد عنها. ومن الواضح أيضاً أنه اعتبر أن مكان مشاهدة المواقع الاخبارية الالكترونية هو مكان طبعها وصدورها، ولم يتم الاخذ بعين الاعتبار من أين تمنح المساحة الافتراضية للموقع الالكتروني على الانترنت ومن هي الجهات او الشركات الدولية التي تملك مساحة على شكبة المعلومات الدولية" الانترنت" الذي تمنح تلك المساحة الافتراضية وكيف يتم ذلك .
وينبني على هذه الامور التقنية جدل فقهي وقانوني دولي وعربي غير محسوم لغاية الان يتعلق بالاختصاص الدولي للمحاكم الاردنية بعمل المواقع الالكترونية الاخبارية والتي تسمح الجهات الامنية -التي تراقب شبكة الانترنت عبر خطي الانترنت المخصصين للاردن هاشم1 وهاشم 2 – للشعب الاردني بمشاهدتها داخل حدود المملكة الاردنية الهاشمية.
وان عدم مراعاة كل ذلك واعتبار مكان مشاهدة الموقع الكتروني الاخباري لهو أمر يجافي المنطق القانوني السليم. ويجعل الامر غير قابل للتطبيق.
ويضع على النيابة العامة الجليلة عبئاً كبيرا ومستحيلاً في ملاحقة جميع المواقع الالكترونية الاخبارية في كل دول العالم لانها غير ملتزمة بشروط الترخيص الواردة في القانون الاردني.
ثالثاً:
لم يأخذ القرار – مع الاحترام والتقدير – بباقي نصوص قانون المطبوعات والنشر والتي اشترطت فيمن يطبق عليه قانون المطبوعات والنشر أن يكون صحفياً مسجلا في قانون النقابة الصحفيين وان رئيس تحرير المطبوعة الصحفية يجب أن يكون مسجلا في نقابة الصحفيين في حين ان قانون نقابة الصحفيين لا يشمل باحكامه المواقع الالكترونية الاخبارية . وبالتالي لا يمكن ان يرخص أي موقع الكتروني اخباري بأي حال من الاحوال .
رابعاً:
ان القرار – مع الاحترام والتقدير – فسر عبارة التسجيل والترخيص للمواقع الالكترونية باعتبارها هيئة اعتبارية أو شخصية اعتبارية وهي ليست كذلك سندا لاحكام المادة 50 من القانون المدني في حين ان الواجب اعتبارها احدى الخدمات التي تقدمها الانترنت.
والانترنت هي عبارة شبكة معلومات دولية " فضاء افتراضي " لا يمكن تقنيا ً وقانونيا اخضاعها لقواعد الترخيص في أي دولة في العالم.
خامساً :
ان القرار- مع الاحترام والتقدير – يخالف القالب الدستوري لحرية الرأي والتعبير ولحرية الاعلام والصحافة والتي من أهم اركانها عدم فرض أي قيودعلى صدور المنابر الاعلامية وممارسة العمل الاعلامي فالترخيض المسبق يعتبر قيدا على حرية الصحافة والإعلام .
وذلك من خلال اخضاعه لشروط الموافقة المسبقة في حين ان جميع الديمقراطيات العريقة وحتى الحديثة النشأة اتجهت منذ فترة الى الاخطار المسبق او التسجيل فقط دون الترخيص المسبق . وذلك تمشياً مع المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .
سادساً:
ان القرار – مع الاحترام والتقدير – لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع لانه حصر المخالفة القانونية للمادة 12 من قانون المطبوعات والنشر ووفقا للعقوبة الواردة في المادة 48 مطبوعات ونشر بالمواقع الالكترونية غير المرخصة فقط فهي – وفقا لما جاء في متن القرار – عرضة لتغريمها وفقا لاحكام المادة 48 ولم يشير القرار الى أصحابها أو ناشريها أو المسؤولين عنها او الصحفيين العاملين فيها او الذي يكتبون فيها.
وحيث أن الموقع الالكتروني الاخباري لا يعتبر شخصا معنويا وفقا للتشريع الاردني ( المادة 50 مدني و المواد 75-85 عقوبات ) فانه لا يمكن ان تطبق عليه عقوبة الغرامة أصلاً ولا أي عقوبة اخرى بالطبع.
سابعاً:
على الرغم من أن القرار بين بشكل واضح المطبوعة الالكترونية غير خاضعة لرسم الترخيص وفقا لتفسيره لنظام الرسوم رقم ( 112) لسنة 2008 ، الا أن ذلك لا يمنع الحكومة من الغاء النظام كله أو تعديله ليشمل ياحكام المواقع الاخبارية الالكترونية . بل ولا يوجد ما يمنع أن يحدد سقف عالي جدا كرسوم للترخيص.
ثامناً:
ان القرار – مع الاحترام والتقدير – غير قابل للتطبيق على المواقع الالكترونية الاخبارية لان الفعل المجرم الذي عاقبت عليه المادة 48 من قانون المطبوعات والنشر بالغرامة 5000 دينار – 10000 دينار يعاقب على فعل الاصدار وفقا لعبارة ( كل من أصدر مطبوعة دورية ) وفعل الاصدار ينصرف للصحف الورقية أو الكتب ولا ينصرف للمواقع الاخبارية الالكترونية خاصة ان المشرع عبر عن مفهومه للتوزيع بالنسبة للمطبوعة الالكترونية في المادة الثانية من القانون بأنه اتاحة الاطلاع على المطبوعة الالكترونية من خلال الشبكة المعلوماتية.
وبالفرض الساقط أن فعل الإصدار ينصرف على المواقع الالكترونية الإخبارية الا انه أيضا لا يمكن أن يطبق ما جاء في القرار – مع الاحترام والتقدير – على أرض الواقع لان فعل الإصدار وان وقع فإنما لم يقع من حدود المملكة الأردنية الهاشمية لان جميع المواقع الالكترونية في العالم بغض النظر اين تشاهد سواء في الأردن أم خارجها فانها تصدر من خارج الأردن، وبالتالي يكون القضاء الأردني غير مختص بتطبيق القانون الأردني عليها.
فالاصدار لا يعني كتابة المواد الصحفية أو نشرها أو إجازة نشر التعليقات وانما القدرة على جعل الموقع الالكتروني الاخباري ظاهرا على شبكة الانترنت وان يكون متاحا للجمهور . وهذا ما لا يملكه شخص عادي أو مالك موقع الكتروني وان الشخص الذي يجب أن يقاضي وفقا لمفهوم الاصدار هي الشركات التي تملك مساحات على الانترنت .
تاسعاً :
ما تضمنه القرار بخصوص الامتياز الوارد في قانون المطبوعات والنشر لا يمكن تطبيقه عمليا بحق المواقع الالكترونية الاخبارية للاسباب التالية:
لقد قررت المادة 8 من قانون المطبوعات والنشر للصحفي حق الحصول على المعلومات ، ولكن لم يقرر ذلك الحق للمطبوعة مهما كان نوعها ، وهذا بصريح نص المادة 8 مطبوعات ونشر والتي نصت على أنه : ( للصحفي الحق في الحصول على المعلومات ..... ) و بالرجوع الى المادة الثانية من ذات القانون بينت مفهوم الصحفي المقصود لغايات تطبيق احكام القانون عليه ، واشارت بانه ( عضو النقابة المسجل في سجلها واتخذ الصحافة مهنة له وفقا لاحكامها ) . وعليه لا يمكن للمواقع الالكترونية الاخبارية ان تستفيد من نص المادة 8 من قانون المطبوعات والنشر . وينصرف هذا الحكم أيضا على الحق بحضور الاجتماعات العامة وجلسات مجلس الاعيان ومجلس النواب ،،،،الخ والتي نصت عليه الفقرة (د ) من المادة 8 مطبوعات ونشر.
لا يوجد في نص المادة 8 مطبوعات ونشر ما يلزم الجهات الحكومية والمؤسسات الرسمية والعامة لغايات تمكين الصحفي من الحصول على المعلومات ويتضح ذلك من الصياغة القانونية لنص المادة ( 8 ) مطبوعات ونشر .
وحتى لو قامت تلك الجهات بتمكين الصحفي من الحصول على المعلومات فإنه لا يستطيع الحصول إلا على البرامج والمشاريع والخطط دون غيرها من تلك الجهات وذلك حسب تعبير النص القانوني للمادة القانونية .
عدم احتواء نص المادة 8 مطبوعات ونشر على إجراءات محددة لكيفية الحصول على المعلومات ولم تلزم الجهات الرسمية المذكورة فيها بإصدار قرار برفض أو قبول طلب الصحفي.
إن نص المادة 8 مطبوعات ونشر ترك أمر تحديد وتصنيف المعلومات بيد الهيئات والجهات الحكومية والرسمية دون معيار محدد وواضح . فالاستثناءات لا بد ان تكون محددة ومحدودة في المعلومات المتعلقة بمجالات الأمن القومي ( سياسة خارجية أو مصالح اقتصادية عليا) والحياة الخاصة للمواطنين ولم يحدد النص من هي الهيئات العامة التي يمكن للصحفي تقديم طلب لها للحصول على المعلومات . وإذا كان هناك أي استثناء على المعلومات بحيث لا يمكن نشرها فإن هذا الاستثناء لم يحدد بموجب نص المادة .
أن نص المادة 8 مطبوعات ونشر لم يعطل العمل في التشريعات الاخرى التي تفرض السرية بالاصل على المعلومات واهمها قانون حماية أسرار ووثائق الدولة رقم (50) لسنة 1971 الذي يفرض سرية مطلقة على جميع أوراق ووثائق الدولة .
هذه المطالعة ملك لوحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" التابعة لمركز حماية وحرية الصحفيين ولا يجوز الاقتباس منها أو النقل منها دون الإشارة للمصدر
1 مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" التابعة لمركز حماية وحرية الصحفيين
2 النيابة العامة هي التي تمثل المجتمع وتباشر دعوى الحق العام أمام محكمة البداية بينما المشتكي أو المتضرر هو الذي يقوم بذلك أمام محكمة الصلح.وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون محاكم الصلح .