التشويه المريع لوظيفة النسبية في قانون الانتخاب !!
جميل النمري
14-04-2012 09:01 PM
كنّا نأمل أن تقدم الحكومة نظاما انتخابيا نستطيع الدفاع عنه واقناع مجلس النواب به لأن المجلس سيعيش فوضى الحسابات الخاصّة بكل مرشح وكل دائرة. لكن الحكومة ضاعفت صعوباتنا بتقديم قانون سيئ وتحديدا في طريقة ادخال فكرة القوائم النسبية فضاعفت مشكلتنا اذ يجب ان يبلور المجلس البديل الأفضل. والبديل الأفضل الذي كان جاهزا بلا مراء هو مقترح لجنة الحوار الوطني.
لقد أشتغلت قدر ما أستطيع على أخذ الحكومة الى مشروع النظام الانتخابي الأفضل، واذ بدا أن الرئيس ولا أدري من أيضا من . . شركاء القرار!! لا يريدون توصية لجنة الحوار الوطني فقد اشتغلت على نظام مختلط بين الفردي والنسبي يحقق بدرجة معقولة اهداف التنمية السياسية ويعالج السلبيات ، لكن كنت ألمس بأسى أن الآذان موصدة اازاء الأفكار. وأسمع الان مقولات تتردد ان ما قدم لنا فيه بصمات التدخل من جهات اخرى وليس بصورته التي ارادها الرئيس، ولكن ما أعلمه ان الرئيس كان يردد فكرة الصوتين والصوت الثالث لقائمة وطنية مغلقة على اساس التمثيل النسبي الوطني.
واذ أصبحت فكرة ادخال التمثيل النسبي في النظام الانتخابي واردة فقد بقي لدي أمل أخير شددت عليه بأن تستخدم بطريقة تفيد التطوير السياسي الوطني وكان لدي مقترحات مختلفة بهذا الصدد وحذرت قدر ما أستطيع من الطريقة الأسوأ المطروحة وهي القوائم الحزبية المغلقة. لكن كما يقال " لا توصي حريص " فلم يتمّ فقط اختيار الطريقة الأسوأ على الاطلاق بل تمّ التفنن في جعلها أشدّ رداءة من اي توقعات حتى ان الصيغة باتت كاريكاتيريه فعلا.
جوهر ما تريده كل البدائل التي فكرنا بها هو شبك المرشحين في المحافظات وعبر المحافظات بتحالفات و قوائم ( تحالفات وقوائم حقيقية وليس صفقات تحتية وكاذبة) لكن مشروع الحكومة قام على النقيض تماما وذلك أولا: بفصل الدوائرومقاعدها بالكامل عن نظام التمثيل النسبي وثانيا بتخصيص 15 مقعدا معزولة للقوائم الحزبية، وامعانا في عزل القاعدة العريضة الشعبية ومرشحيها في المحافظات عن العملية السياسية فقد اشترط القانون للمنافسه على هذه المقاعد اقتصارها على الأحزاب المرخصة منذ عام على الأقل. أي قطع الطريق على القوى الجديدة الصاعدة لمرحلة الربيع العربي في المحافظات والأغلبية الكبرى الطامحة للمشاركة ولم تشكل اطرها السياسية بعد، والشخصيات المستقلة والمحترمة وهي بأغلبها ذات توجه وطني وديمقراطي وليبرالي.
واذ كان واضحا بهذه الطريقة ان ساحة المنافسة على المقاعد الخمسة عشر الوطنية ستترك بصورة ساحقة لجبهة العمل الاسلامي فقد تم ادخال قيد غير منطقي وغير ديمقراطي هو ان تقتصر القائمة على 5 مرشحين. وهكذا حتى لو حصل حزب على ثلاثة ارباع الأصوات سيحصل فقط على ثلث المقاعد والبقية حتى لو كان مجموعها 10% من الأصوات تتقاسم ثلثي المقاعد. ويتكفل بمنع الاسلاميين من تقديم قائمة ثانية وثالثة شرط ان تكون القائمة فقط لحزب مرخص منذ عام على الأقل.
هكذا اصبح ادخال التمثيل النسبي للقوائم على القانون تشويها بشعا وكاريكاتيريا للنظام الانتخابي بدل ان يكون أداة تحديث وتطوير انتخابي وسياسي !! معقول يا جماعة هذا التذاكي في الردّ على مطلب ادخال التمثيل النسبي ؟! الا فليذهب التمثيل النسبي الى الجحيم. ان اقتصار النظام الانتخابي على التمثيل الأغلبي بالصوتين في المحافظات بل حتى بالصوت الواحد افضل كثيرا من هذ الاضافة البائسة !!
وللحديث صلة .
الغد