تتأهب شركة الفوسفات لانتخاب مجلس ادارة لمدة اربع سنوات مع الاخذ بالاعتبار اوزان المساهمة المحلية والخارجية في تشكيلة المجلس المقبل.
تلك اخبار جيدة ومثلها الدراسة الرسمية التي كشفت ارتفاع ارباح الشركة للسنوات الخمس الماضية بسبب صعود اسعار الفوسفات عالميا، لكن ما هو غير جيد ما تسرب عن وجود عرض من رئيس مجلس الشركة المستقيل وليد الكردي وهو ما نفاه الأخير الخميس الماضي.
عرض الكردي أو التسوية المالية بمبلغ نصف مليار دينار، إن صحت الرواية قبل النفي، يهدف إلى إغلاق التحقيق الذي بدأته هيئة مكافحة الفساد الشهر الماضي لوجود شبهات فساد في عمليات البيع والشراء والتعدين.
العرض قدمه، وفقا لما نشر من اخبار، رئيس الشركة المستقيل الكردي والموجود حاليا في لندن، والملف الان بكل تفاصيله بحوزة الحكومة وهيئة مكافحة الفساد، واذا كانت أرباح الشركة في عام 2008 فقط بلغت 239 مليون دينار وهي تقارب في حجمها نصف العرض المقدم، فإن إدارة الشركة المستقيلة تأتي اليوم لتقدم فتاتا بغية اغلاق ملف الفساد والانتهاء من قصة الفوسفات التي اصبحت حديث رجل الشارع.
درجت العادة في الاردن على نفي الاخبار وتنتهي الامور في الغالب الى صدقية ما نشر في البدء، بحيث أمسى النفي كلاما عاما لا صلة له بما يجري على الارض من صفقات وتسويات، والمريب في أمر التسوية، إن صحت كما قلنا، أن يجعل رئيس شركة مستقيل عودته الى الاردن مرهونة بالموافقة على العرض، ولا أعلم ما سر هذه الثقة ومن أين تأتي إدارة شركة بكل هذه الجرأة لعرض تسوية مالية واشتراط الموافقة عليها كي يتسنى لها العودة للبلاد؟؟!!
ثمة اسئلة اكثر جرأة مما مضى، فمبلغ نصف المليار دينار هذا مقابل ماذا؟ وكيف يتوفر مبلغ كبير كهذا لا تقوى حكومات على تأمينه؟ واذا كان حديث التسويات بهذه الطريقة الفجة، فما هو مستوى العبث الذي تركته الادارة السابقة خلفها؟ وما مستوى الضرر والخسارة التي لحقت بالاردنيين في ملف الفوسفات؟
إذا افترضنا صدقية وجود العرض وتقديمه الى الحكومة، فإن الحكومة تخطئ بشكل كبير إن قبلت العرض أو تعاطت مع الموضوع على هذه الشاكلة، عليها أن ترفض التسوية أو الصفقة وأن ترفض لغة المقايضة التي انطوت عليها، وواجبها يحتم عليها أن تجلب أي جهة لتقدمها إلى القضاء الاردني، والكلمة الفصل ستكون للقضاء لا للتسويات تحت الطاولة.
الشارع الاردني الذي بح صوته قبل الربيع العربي وبعده وهو يقول انهم سرقوا الفوسفات وباعوه باثمان بخسة، يستحق ان يصل الى لحظة الحقيقة في موضوع يؤرق الجميع ويهدد مستقبل اطفالنا، بل إن القضاء وحده من يحدد المسؤوليات عبر ادانة من قام بأي فعل اهدرت فيه اموال الاردنيين.
واذا تم طي ملف الفوسفات بالطريقة التي تريدها الادارة السابقة للشركة ومن يقف وراءها، فإن ملفات فساد كثيرة ستطوى بذات الطريقة، حذار ايتها الحكومة من قبول أي تسوية!
في مقالة مقبلة، سيتم البحث في شبكة المصالح والنفوذ التي تخنق مسار بيع الفوسفات الأردني، ولماذا يجب أن يمر في جبل علي؟
الغد