facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




حبر وملح في عمّان .. بقلم : زاهي وهبي


13-04-2012 11:48 PM

في عمّان (قبل أيام) حَرٌّ قبل الآوان، وأصدقاء دائمون يمنحون المكان ألفة وبياضاً يُضاهي بياض العمارة المخدوش ببرجين زجاجيين غريبين عن فضاء المدينة وطابعها العمراني المتميز الذي يمنحها خصوصية تجعلها أكثر رحابة ومودّة مثل قلوب أهلها الطيبين الذين يخفون خلف عبوسهم نفوساً خضراء مضيافة.

في عمّان عشبٌ كثير إثر شتاء غير معتاد جعل المساحة بين المطار والمدينة بساطاً أخضر مشوباً بالأصفر. خضرةٌ خصبة على الأرض تحاكي زرقة السماء المطرزة ليلاً بالنجوم والأحلام وأمنيات العاشقين. وما بين الخضرة الاستثنائية والزرقة الأبدية بياضُ صداقات معقودة بالحب والنزاهة والغيرية التي لا تستقيم علاقة إنسانية من دونها. أنسنةُ العلاقة مع المكان تمنح المرء شعوراً بالانتماء فلا يعود مجرد زائر عابر بل يصبح مقيماً دائماً حتى لو كان شاعراً غجرياً دأبه الترحال والتجوال.

قراءةُ الشعر في عمّان أشبه بحرير يقع على جسد أنثوي. هنا الإصغاء تامٌّ، وللصمت رنينٌ كريستالي يشحن الشاعرَ بطاقة سحرية على الإمتاع والمؤانسة. وما يلفت زائرَ العاصمة الأردنية، كثرةُ الأنشطة فيها في الآونة الأخيرة، وكأنها تعوّض عطش السنوات العجاف لمياه الإبداع في مختلف ميادينه ومجالاته، اذ لا يخلو مساء من شعر أو فكر أو موسيقى أو مسرح أو سواها من أمسيات تمنحُ المدينة مزيداً من الألفة والحميمية.

هل يحصل الأمر دائماً على هذا النحو؟ هل تأتي المئات الى مساءات الشعر والقصائد؟ لست أدري. ما أدريه أنهم جاؤوا في مساء عمّاني حميم مسبوقين بالحب والترحاب ملهوفين لسماع قصيدة واقتناء كتاب. واللافت أن معظمهم من الصبايا والشبان دون الثلاثين من العمر، ما يناقض ويسخّف نظريات كثيرة عن موت الشعر وعن نأي الأجيال الجديدة عن قراءته والإصغاء اليه. تلك أضغاث شعراء ونقّاد انسلخوا عن الواقع وتاهوا بعيداً من أهلهم وناسهم وآمالهم وآلامهم، وسكنوا أبراجهم العاجية التي لا تشبه ألبتة بيوت الناس أو أبيات الشعر.

تقول التجربة إن الفن، أيَّ فن، سواء كان شعراً أم موسيقى، روايةً أم مسرحاً، يغدو أكثر مقدرة على إقامة علاقة مع الآخر المتلقي الباحث عمّا يعبّر عنه وشؤونه وشجونه لا عن ترهات نخبوية لا تُسمن ولا تُغني من جوع وعطش، الى كل ما يخاطب الوعي والوجدان ويحرك المشاعر والأفئدة، حين يكون ناطقاً باسمه وضميراً متصلاً به لا منفصلاً عنه. ولعل وقوع عمّان على خط الزلازل الوطنية والقومية والتصاقها الوجداني والجغرافي بفلسطين والعراق وسوريا، يجعلانها متوثبة مترقبة على الدوام، ولصيقة بكل مل يدور (خصوصاً) في بلاد الشام المنكوبة منذ زُرع في قلبها سرطان الاحتلال الاسرائيلي الخبيث. لعل هذا الوقوع الدائم في عين العواصف يجعل أهلها أكثر تفاعلاً وتجاوباً وإصغاءً لكل شعر (وفن) يحكي ويحاكي القضايا العربية الراهنة.

في عمّان يعود الشعرُ عشباً أخضرَ ندياً، ليس فقط بفعل كاتبه، بل أيضاً وربما أولاً بفعل الإصغاء الحميم الذي يغدو مثل رحم مظلمة لكنها آمنة. وفي عمّان تتفتح أجيال جديدة على وقع واقع عربي جديد/ قديم تتناسل منه الأزمات المستفحلة فارضةً على الشباب الالتفات الى ما هو أبعد من أعمارهم الغضة الطرية، وهم في ذلك يحاكون نظراءهم من شباب العرب الذي صنعوا ثورات جميلة ناصعة قبل أن يسرقها كهول السياسة والمرواغة والكذب في لعبة الأمم العفنة المقيتة.

في عمّان أيضاً صداقات عذبة ندية خضراء طرية مثل طفولة العشب في المساحات المشتاقة أبداً لمطر دافئ حميم يغسلها من أدران أرض موحشة جداً بلا أهلها وناسها.
عن الحياة.





  • 1 عمان في القلب 14-04-2012 | 12:10 AM

    كتييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير حلللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللو

  • 2 ابراهيم 14-04-2012 | 12:37 AM

    لا نضبت يمناك روعه متجدده واسلوب اخاذ

  • 3 ما هذا 14-04-2012 | 12:45 AM

    هل تكتب شعرا من أساسه كلام لا طعم له في هذا الزمن الاغبر كمان عمان ليست كما وصفتها من نعومة الفنادق خمس نجوم بس هلا فيك دائما من دون شعرك

  • 4 لوبادز 14-04-2012 | 03:52 AM

    وفي لبنان رجال عظام شعراء واعلاميون مبدعون هذه بلدك الثاني محبوب الجماهير الاردنية
    عمان في القلب وبيروت في القلب والروح يا زاهي

  • 5 قاسم عبابنه 14-04-2012 | 04:00 PM

    طاقة متجدده وابداع عظيم كما انت دائما اهلا وسهلا دائما في بلدك الثاني الاردن

  • 6 علاء طوالبة 14-04-2012 | 04:16 PM

    عمان مدينة ............ وملاذهم الآمن

  • 7 غازي سواعي 14-04-2012 | 04:30 PM

    انت دائما تزهو في كلامك وانت زاهي في كل شيء حتى باسمك يا اخا العرب كم كانت ولا زالت لي امنبة التعرف بك وبكثير من الاعلاميين اللبنانيين العضماء سلمت للاعلام العربي فاهلا وسهلا بك في بلدك الثاني .

  • 8 محمد بدور 14-04-2012 | 06:09 PM

    اخ زاهي: لقد زهوت بكلماتك الجميلة ولو على رأي البعض انها مجمالة لكن من يعرف ان يقرأ يعرف الصدق من النفاق وأنا بثقافتي البسيطة اقول وبصدق انك صادق المشاعر نحوي ونحو بلدي الذي كان وما زال وأهله يعتبرون ان الأردن بيت العرب جميعا مقيمين ام زائرين أم مشتاقين للدفء الأخوي الحميم ...فأهلاً وأهلاً وأهلاً قدمت وسهلاً من العقبة الى لبنان وطئت بلداً واحداً وثقافة واحدة يحدوها الأمل بالإخاء والسلام والحب... مع الشكر الجزيل لكلماتك

  • 9 حللت أهلا ووطئت سهلا 14-04-2012 | 06:12 PM

    حللت أهلا ووطأت سهلا في بلدك الأردن


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :