هل الموقف الاصلاحي من القانون مرتبك ومتاقض ..
12-04-2012 12:51 PM
عمون- ربما وفي حدود اطلاعي على ما نشر من مواقف حول قانون الانتخاب الجديد لم الحظ سوى مقال واحد يذكر الاسباب والمخاوف التي تجعله في موقف ضد القانون وان كانت هذه المخاوف قد افرطت في حساسية اقليمية شديدة، وبخلاف ذلك لا يكاد يلحظ سوى رفض للقانون بدون أبداء اسباب منطقية واضحة ان لجهة بنود القانون او لجهة النتائج التي ستترتب على تطبيقه. وطالما ان ذلك لم يحدث فان مجمل هذه الاراء يمكن ان تكون تعبيرا عن موقف تجاه الحكومة التي اصدرت هذا القانون او مناكفة لها اكثر من كونها تعبيرا عن رفض للقانون الجديد كونه يحقق أو لا يحقق الحد الأدنى من شروط بناء حياة سياسية جديدة .
جبهة العمل الاسلامي كانت اول من رفض القانون ووصفته بانه شبيه بقانون الصوت الواحد ولا ينم عن عقلية اصلاحية وانه يستهدف الحراك الشعبي، مثل هذه التبريرات يمكن ان يتم فهمها في اطار معادلات الجبهة السياسية وهذا حق مشروع لها فهي تعمل على محاولة الوصول الى قانون يعظم من فرصها في تحقيق اغلبية برلمانية.
القانون الجديد بما عليه من ملاحظات وهي مهمة فانه يشكل قفزة نوعية في تاريخنا السياسي ولا يمكن تحت أي حال من الاحوال ان يقترب من قانون الصوت الواحد، ولعل ابرز ايجابياته النص على وجود قائمة حزبية على مستوى الوطن، وهذه خطوة تقدمية واصلاحية كبيرة وتؤسس للشروع في حياة سياسية تنافسية وتساعد على خلق حالة من التوازن في بيئة التعددية الحزبية والسياسية، وقد احسن المشرع صنعا عندما اكد على كونها حزبية وليست نسبية فالحزبية سياسية والنسبية يمكن ان تعيد انتاج المكونات الاجتماعية على حساب السياسية خصوصا في مجتمع ثقافة ما زالت غير محايدة حزبيا، وان هذا التخصيص للقائمة الحزبية سيحدث صدمة ايجابية في ثقافة المجتمع ونظرته للحياة الحزبية وسيشكل دافعا للانخراط بالعمل السياسي من بوابة الاحزاب. وكذلك سيسهم ذلك في خلق واقع برلماني تنافسي بين الاحزاب على المواقف الوطنية الأمر الذي سينعكس ايجابا على السلطة التشريعية واعادة بناء الثقة فيها. في الديمقراطيات البرلمانية ربط قانون الانتخاب بالاحزاب السياسية اساسي لانتاج سلطة تشريعية قوية وفاعلة وقادرة على القيام بمهامها الدستورية في الرقابة والتشريع بكفاية ، وتستند الى تعددية حزبية وسياسية وكتل برلمانية مستقرة يمكنها ان تشكل ضمانه أساسية للممارسات السياسية ، وأن تؤسس لحياة سياسية تنافسية وان تنقل البرلمان من الاعتماد على الأداء الفردي للنواب الى صيغة من صيغ المؤسسية. فالأحزاب لها وظائف أساسية تقع في صلب الحياة النيابية، التي لا أي نظام نيابي بدونها مثل مراقبة اداء أعضائها في البرلمان ومحاسبتهم وتقوية مكانتهم، وبالتالي مكانة البرلمان في مواجهة السلطة التنفيذية، وبنفس الوقت حماية السلطة التنفيذية من الضغوطات الفردية للنواب مقابل مواقفهم مع الحكومات، التي وصلت إلى حد المساومة على منح أو ححب الثقة، وانتشار أشكال التنفيع الفردي في أوقات الإنتخابات أو اثناء بناء المواقف إن داخل البرلمان أو خارجة، وذلك بفعل غياب رقابة الأحزاب لاداء نوابها ونواب الأحزاب الأخرى في إطار تنافسها السياسي على كسب الأصوات والمؤيدين في الانتخابات.
لا بل أرى ان احد أهم الانتقادات للقانون الجديد من وجهة نظر تهدف الى تعزيز الديمقراطية ينبغي ان تكون مركزة على صغر حصة القائمة الحزبية من المقاعد البرلمانية التي حددت بخمسة عشر مقعدا وكان ربما من الاجدى والاكثر فائدة لم تم زيادة هذه النسبة لتصل الى حدود 30 الى 40 بالمائة بحيث تدمج كوتا المرأة بها ويصبح وجودها في القائمة الحزبية من شروط قبول القائمة للترشح. وبالتالي يصبح ايضا من اساسيات نجاح اي قائمة في الانتخابات ان تقوم على التنوع بكافة اشكاله، فهذا ربما يكون اجدى على صعيد تعزيز مفهوم المواطنة والوحدة الوطنية على حساب العصبيات والجندرة والهويات والطوائف. فالقائمة الحزبية يمكن ان تشكل بوتقة صهر وتجانس. الامر الاخر فقد يكون تخصيص سقف اعلى لمقاعد الحزب الفائز فيها نوع من التحكم الا انها اذا كانت في اطار مرحلي وقصير يهدف الى تحسين بيئة التعددية الحزبية فقد يقبل بها كاجراء مؤقت وبجدول واضح. كما ان بعض الملاحظات التي اوردت مثل شرط مرور سنة على الحزب وغيرها من الملاحظات يمكن ان تناقش لصالح دمج اكبر عدد ممكن في العملية الانتخابية. والنقاش ما زال قائما طالما ان القانون لم يرد.
من طالب بالاصلاح السياسي وبناء حياة سياسية تنافسية تعددية وبالتعددية الحزبية والسياسية وكي لا يكون في تناقض عليه ان يكون من المتحمسين لهذا القانون وان يدفع باتجاه مزيد من المواد الديمقراطية في بنوده ، خصوصا ان هذا القانون مزج لأول مرة بين المكونات الاجتماعية التقليدية وبين الاحزاب السياسية في العملية السياسية فهو لم يقم على اساس نفي المكتسبات في القوانين السابقة وانما حافظ عليها واضاف.
والى ان يصدر النظام الانتخابي وهو اساسي فان هذا القانون رغم قلة عدد المقاعد المخصصة للاحزاب وعدم ربطة قبول الترشح للانتخابات بالعضوية الحزبية يمكن ان يشكل بارقة امل في التأسيس لحياة سياسية جديدة، وللدخول في مرحلة الحكومات البرلمانية. ويبقى الامر المستغرب ان ترفض احزاب فكرة القائمة الحزبية ؟