الدكتور خاطر : فتوى" تحريم زيارة القدس " خَدَمَت الاحتلال
12-04-2012 07:16 AM
عمون - أكد الدكتور حسن خاطر مؤسس الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات وامينها العام السابق ومؤلف موسوعة القدس والمسجد الأقصى ،ورئيس مركز القدس الدولي أن ما يجرى منذ ايام من تفاعلات مع الزيارة التي قام بها الداعية الحبيب الجفري الى المسجد الأقصى يكشف عن حجم المأساة التي تعانيها القدس على يد ابنائها وعلى يد اعدائها في آن واحد ، فبعد مرور اكثر من اربعة عقود ونصف على سقوط القدس في يد الاحتلال ،ما زال علماء الامة لا يعرفون اين تكمن مصلحة القدس ، في استمرار مقاطعتها ام في اعادة العلاقة بها على اسس ومعايير تتناسب مع واقعها!
وقال :اذا كان الجهل بهذه المصلحة الكبرى طوال هذه العقود يعد مصيبة عظيمة ، فان المصيبة تعظم اذا تبين ان هناك من لا يريد ان يعرف هذه المصلحة، وفي الوقت نفسه يريد ابقاء العلاقة على ما هي عليه، الى أن يرث الاحتلال القدس وما عليها !
وناشد الدكتور حسن خاطر علماء الامة اعادة النظر في هذه الفتوى بناء على الكثير من المتغيرات التي توشك أن تعصف بعروبة المدينة وهويتها وأهلها ومقدساتها ، وقال : انني اؤكد للعلماء من موقعي وتجربتي المستمرة على مدار عقدين من الزمن ان "فتوى تحريم الزيارة " أضرّت - دون قصد او اتهام لأحد - بالقدس ضررا كبيرا ويسّرت للاحتلال تنفيذ العديد من مشاريعه ومخططاته ،جراء الفراغ الواسع الذي أوجدته "المقاطعة" في علاقة الامة بها، وقال : لم استطع الى غاية اليوم ان اجد فائدة واحدة معتبرة استفادتها القدس او أهلها أو مقدساتها من هذه المقاطعة ، وفي المقابل استطيع ان أُعدِّد أكثر من عشر سلبيات كبيرة وخطيرة لحقت بالقدس جراء هذه المقاطعة !
وقال :ان المعادلة تغيرت على الارض بسرعة كبيرة لصالح الاحتلال ومخططاته ،فتم اعلان القدس الموحدة عاصمة أبدية لدولة الاحتلال، وتم عزل المدينة عن جميع ابناء الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتم بناء جدار العزل العنصري حولها ، وتم وضع القوانين والعراقيل لتهجير المقدسيين وسحب الهويات ، وعدم منح تراخيص البناء ، وهدم البيوت ، وضرب وتخريب الاقتصاد، وفي المقابل وضع الاحتلال سياسات استراتيجية تقوم على اساس تكثيف الاستيطان، وتحويل المستوطنين الى أغلبية ساحقة - كل عربي يقابله اليوم خمسة مستوطنين يهود - ،وتم فتح الابواب على مصراعيها امام الجمعيات الاستيطانية للسيطرة على عقارات ومقدسات البلدة القديمة، وتم افتتاح اكثر من سبعين كنيس يهودي حول الأقصى وتحته بعد ان لم يكن هناك سوى كنيس واحد قبل عام 1967م ، ونجح الاحتلال في ابتلاع حوالي 89% من أراضي القدس ؟!ووصلت نسبة "تسرّب" المواطنين العرب من البلدة القديمة -بسبب الحصار وسياسات الاحتلال - ما بين 40-50% ، والقائمة طويلة!!
وأوضح الدكتور خاطر ان سياسات الاحتلال الاسرائيلي، في ظل استمرار عزل القدس عن الامة، حولت القدس الى ما يشبه "مدينة أشباح " اسواقها شبه فارغة الا في المناسبات الدينية ، ومعظم محالها التجارية مغلقة ،وعدد المستوطنين في تزايد وحركتهم تطغى على البلدة القديمة باكملها ،واعداد المقدسيين في تراجع كبير، ونسبة الفقر بينهم وصلت الى اكثر من 70% ، وبات المستوطنون يسيطرون على كل المساحات الواقعة تحت المسجد الأقصى ،وأقاموا فيها الكنس والمراكز الدينية والثقافية ،وهم اليوم ينافسوننا بقوة على المساحات الموجودة فوق الأرض ، وقد وصل الحال الى حد تقسيم الأقصى "زمنيا" بيننا وبينهم ، فهم يقتحمون الأقصى مرتين في اليوم ، مرة قبل صلاة الظهر ، وأخرى بعد صلاة الظهر ، ولست ابالغ اذا قلت ان عدد جنود الاحتلال المنتشرين على الحواجز والمداخل المؤدية الى الأقصى يكاد ينافس عدد المصلين فيه على مدار الايام العادية !!
وحذر الدكتور حسن خاطر من "أن القدس اليوم تكاد تلفظ انفاسها العربية جراء هذين العزلين ، الجدار العنصري الذي يحكم عزلها عن ابناء فلسطين ، وفتوى العلماء المسلمين والمسيحيين التي تحكم عزلها عن باقي ابناء الامة "!
وطالب الدكتور خاطر علماء الامة بالبحث المستمر عن الافكار الخلاقة والمبادرات الشجاعة وعن كل الوسائل والامكانيات الممكنة لاشراك اخواننا العرب والمسلمين في هذه المعركة العظيمة التي تركوها لاطفالنا ونسائنا وشيوخنا على مدار العقود الماضية ، وقال :ان الكثير من علمائنا - للأسف- وضعوا هذه الفتوى تحت وسائدهم وناموا عليها ظانين أنهم قد ادوا واجبهم تجاه القدس امام الله !!
وقال :انني اطالب علماء الامة التفكير الجاد باجازة وتشجيع "السياحة الدينية الراشدة " الى القدس وفلسطين ،والتعامل معها كوسيلة من وسائل اشراك العرب والمسلمين في الصراع مع الاحتلال،وعدم الاستمرار في ابعادهم اكثر واكثر عن ساحة الصراع ، حيث لم يثبت اية فائدة لهذه السياسة على الاطلاق ، في حين ان ترشيد العلاقة مع القدس يمكن ان يُحوّل كل عربي وكل مسلم الى انسان فاعل يمكنه المشاركة في "معركة القدس "بالإمكانيات المتاحة،وهنا يقع دور كبير على عاتق العلماء في كل ارجاء العالم فيما يتعلق بعملية الترشيد والتهيئة ابتداء من نقاط الانطلاق وانتهاء بالعودة ، وقال: ان الاستهانة "بالسياحة الدينية الراشدة" يشبه الاستهانة بدور "الشبكة العنكبوتية" قبل عقد من الزمن ، لأن مثل هذه السياحة يمكن ان تكون وسيلة فاعلة ومباشرة في معركة القدس ،اذا نجح العلماء في ادارتها ، ويمكن ان تكون أيضا من أهم وسائل تحرير المدينة المقدسة ، لأن كل "سائح" - مسلما كان او مسيحيا - لن ينتهي دوره بعودته الى بلاده ، فقد رأيت بعيني كيف تحول عدد كبير من هؤلاء الاخوة الى سفراء ناجحين ما زالوا الى اليوم يقومون بدورهم في نصرة القدس والمقدسات كل بطريقته ، وقال :اسألوا مؤرخي القرون الوسطى كيف لعبت "السياحة الدينية" دورا اساسيا في تعبئة وتحريك ما عرف بـ "الحملات الصليبية" نحو بيت المقدس والشرق عموما!!
امام بخصوص زيارة الداعية الحبيب الجفري الى الأقصى قال الدكتور خاطر : ان الأخ الحبيب علي هو واحد من علماء هذا العصر وأنا أحترم اجتهاده وأقف عند حدود البيان الذي أصدره ، ومن حقه ان يجتهد ،وليس من حق احد أن يغلق باب الاجتهاد، والا تحولنا الى محاكم تفتيش جديدة ، واذا لم يكن اجتهاد العلماء في قضية بحجم قضية القدس ،ففي اي قضية سيجتهدون ؟ في نواقض الوضوء وفقه الحمامات!!
وقال : انا أفضل قبل ان نفتح ابواب الزيارة ،أن يكون هناك مؤتمر لجمع من العلماء لدراسة هذه القضية والخروج بفتوى جماعية دقيقة وشاملة تحدد علاقة الامة بالقدس على اسس ايجابية وفاعلة ، واتمنى ان تكون زيارة الداعية الجفري للقدس بمثابة استطلاع ومعاينة من قبل واحد من العلماء الشباب ، ومن رأى ليس كمن سمع ،واكد الدكتور خاطر رفضه للهجمة الشرسة والاتهامات الباطلة التي تعرض لها الجفري،مُشدِّدا على أن القدس بحاجة الى كافة ابنائها، وهي توحد بين المسلم والمسيحي ، فمن باب اولى ان لا تفرق بين المسلم والمسلم .