تنقسم القوى البشرية للقوات المسلحة في أي دولة من حيث الرتبة إلى ضباط وضباط صف وأفراد ، وتقتضي الضرورة التنظيمية والقيادية وجود هذه الهرمية ، مثلها كالمؤسسات المدنية وإن كانت تحتاجها أكثر منها ، ويتم التمييز بين الجميع وفق الرتبة ، وإن تساوى فردان في رتبتهما فالأقدمية في الرتبة ، ولتصل الأمور إلى الأقدمية بالرقم العسكري ، وبذلك تحفظ أي مؤسسة عسكرية في هذا العالم بنيتها التنظيمية دون إشكال أو إحراج . ولكل مرتبة عسكرية مما ذكرت أهميتها البنيوية بحيث لا تقوم المؤسسة العسكرية دونها . وتتم الترفيعات فيها وفق متطلبات تحددها مواد الخدمة العسكرية بحيث يتم الترفيع - خصوصا الضباط - وفق توفر الشواغر واجتياز الفحوص والدورات العسكرية الفنية والإدارية المقررة ، وتوصية القادة الأعلى رتبة ، وانقضاء مدة زمنية محددة على ترقيته الأخيرة ، ووفق تسلسل يعرفه القاصي والداني .يتم تولي المراكز القيادية في الجيوش بشكل عام وفق هرمية تكاد تكون متشابهة في كل الجيوش ( قد تزيد أو تقل رتبة ) ، ومن ذلك تولي الرائد قيادة سرية ، والمقدم يتولى قيادة كتيبة ، والعقيد يتولى قيادة لواء ، والعميد يتولى قيادة فرقة ، وللوحدات المركزية والإدارية مناصبها ورتبها الموازية لما سبق .
يتم إشراك الضابط بدورات عسكرية في المجالات التخصصية والعامة ، في سبيل إعداده لتولي المراكز القيادية التالية لمركزه الذي يشغله ، حيث تعتبر دورة كلية القيادة والأركان نهاية أو ما قبل نهاية الدورات الرئيسة ، يحمل عقب اجتيازها صفة الركن كأن يقال المقدم الركن ( أركان حرب ) وبعدها دورة كلية الحرب .
الرتبة العسكرية هي حصيلة سنوات من الخدمة العسكرية والدورات الداخلية والخارجية بشتى أنواعها ، وليست هبات أو عطايا تسبغ على من ينظم قصيدة أو حتى ديوانا من القصائد ، أو من ناله بضع صفعات وركلات من عدو ، أو بضع سنوات من الاعتقال في سجن للعدو ، إنها ليست مكافأة ، لأنها نتيجة إعداد ، وسنوات تقضى في كليات عسكرية ذات أنظمة وتقاليد حازمة بل وصارمة ، وبرامج تدريبية لا تعرف الكلل أو الملل .
يمكن أن يرتدي أحدهم زيا عسكريا ، ترصع كتفاه النجوم بل والنسور والسيوف ، والسؤال هل سيتصرف ويقود وفق الرتبة التي تحملها كتفاه ؟ أو وفق ما أكتسب من علم ومعرفة ؟ وسيكون من أصبح ضابطا دون إعداد يؤهله لرتبته كأطفال العيد في ملابس عسكرية " تزينها " رتب وهمية . وما قصة عضو مجلس قيادة الثورة في دولة عربية شقيقة ، والذي قفز بقدرة قادر من رتبة رائد إلى رتبة لواء ( أو فريق ) دفعة واحدة إلا شاهد على ما ُوصف به لاحقا فقد أصبح قائدا عاما للقوات المسلحة في بلده وُوصف بأن عِلمه العسكري قد توقف عند رتبة رائد !! إن ما تقدمه بعض الأفلام والمسلسلات عن الضباط والعسكريين بصورة عامة ما هو إلا مسوخا وعروضا لا تستند إلى واقع ، إذ أنها لا تقدم البطل إلا بصورة ضابط ، وبرتبة كبيرة ، وكأن الأفراد وضباط الصف و صغار الرتبة من الضباط مجرد نكرات ومساعدين للبطل في أفضل حال ، في حين أن الملاحظ لأفلام ومسلسلات الغرب يجد التركيز على الفرد بشكل دائم . وكثيرا ما أثار دهشة المواطن العربي ما يراه من ضباط الأمن في بعض المطارات العربية من ضباط برتب رفيعة لا يتجاوز عملهم ختم جوازات سفر المسافرين عند القدوم و المغادرة ، في حين أن شرطيا أو ضابط صف من الشرطة يقوم بهذه المهمة الروتينية ، أو ما يشاهده في مسلسل ما من إلقاء القبض على نشال في إحدى الحافلات من ضابط برتبة عقيد متخف بين الركاب .
وقد ورث العربي بشكل عام حبه واحترامه بل وخوفه أحيانا من رتب الضباط ، وترى العريف يخيط لولده بزة عسكرية تحمل رتبة عقيد أو عميد رغم أن الأمر لا يعدو الاعتزاز بالزي العسكري . ولم ألاحظ طوال عمري ملابس عسكرية للأطفال لجندي دون رتبة ، أو تحمل رتبة رقيب ( شاويش ) وإن كنت لا أنكر على العريف أن يتطلع إلى يوم يرى فيه أحد أبنائه برتبة ضابط ، لكن الواجب يقتضي زرع حب العمل وخدمة الوطن بشتى الدرجات والرتب والمواقع .
التحية والتقدير للقوات المسلحة الأردنية ( الجيش العربي ) والمؤسسات الأمنية الأخرى مؤسسات عسكرية عريقة ذات تاريخ وتقاليد راسخة يعرفها الجميع ، والتحية لكل ضابط وضابط صف وجندي ومدني فيها .
haniazizi@yahoo.com