الإصلاحات والاستقرار الوطني في الشرق الأوسط .. وريا سعيد رواندزي
11-04-2012 04:13 PM
هناك علاقة جدلية وترابط بين الاصلاحات ومفهوم الاستقرار الوطني, حيث من الصعب او بالاحرى من المستحيل فصلهما عن بعضهما البعض. ان الاصلاحات الجذرية التي تهدف الى توسيع دائرة الحريات العامة والخاصة ورفع مستوى دخل الفرد بما يتناسب مع متطلباته وحاجاته اليومية, تعكس ايجابا على تعزيز الوحدة الوطنية والتلاحم بين جميع شرائح الوطن, والعكس ايضا صحيح.
ان الاصلاحات السياسية, والاقتصادية والاجتماعية, هي تغيرات وعملية دائمة تحتاج الى آليات فعالة تستند الى تشريعات دستورية وقوانين واحصاء ودراسات علمية واستنتاجات واقعية حيث في النهاية يجب ان تهدف الى رفع حجم الدخل الوطني من خلال استعمالنا العقلاني للموارد الطبيعية والبشرية.
نظرا لافتقارنا وعدم ايماننا بدراسات علمية وبحوث ميدانية في معالجة المشاكل السياسية والاقتصادية, تبقى دائما اصلاحاتنا سطحية وغير مبرمجة حيث نلجأ اليها تحت ضغوط داخلية معينة او ربما احيانا ضغوطا خارجية, الاصلاحات الجذرية الهادفة الى تعزيز وتطوير البنية التحتية والفوقية, بعيدة عن الموسمية او الضغوطات او رغبة القائد والرئيس. ان دولة المؤسسات المبني على الالتزام بالدستور والقوانين واحترام مبادئ الديمقراطية وممارستها وان الدولة التي تحترم حقوق مواطنيها بغض النظر عن العرق والجنس والدين او انتمائهم الى طائفة اثنية او دينية, هي الدولة الوحيدة والقادرة التي تقوم باصلاحات جذرية ودائمة وهي دولة تنعم بالاستقرار الوطني وليست ملغومة ومهددة لا من الداخل ولا من الخارج.
الاصلاحات الجذرية التي تهدف الى رص صفوف المواطنين ورفاهيتهم وحريتهم يجب ان تنبع من الارادة الوطنية المخلصة للنخبة الحاكمة سواء كان من الحزب الواحد او من الائتلاف الحاكم وبالتزامن والالتزام بمبدأ المصالحة الوطنية والحوار البناء مع الاحزاب والتيارات والجماعات والشخصيات الوطنية البعيدة عن الحكم. هذه الاصلاحات التي تنبثق من حُسن النية والارادة الوطنية المستقلة هي فقط قابلة للحياة وتعطي نتائج ملموسة من خلال ترسيخ مبادئ الحرية واحترام كرامة المواطن وأمنه وسلامته وضمان رفع مستوى معيشته باستمرار.
اما الاصلاحات التي تخطط لها في ما وراء الكواليس, فهي اصلاحات سطحية وموسمية تهدد امن واستقرار البلد من خلال تهميش واقصاء المصالح السياسية والاقتصادية لشرائح معينة. اذن آن الوقت لترك فلسفة التهدئة والسطحية في معالجة قضايانا ومصيرنا المشترك.
ان منطقة الشرق الاوسط, من اغنى المناطق بالعالم من حيث ثرواتها الطبيعية ومواردها البشرية فهي مهد الاديان السماوية المقدسة وهي من اكثر المناطق توترا وعدد من دولها تفتقر الى مؤسسات ديمقراطية وتفتقر الى حق المواطنة. وحيث مشاركة الناس في بناء مؤسساتها الديمقراطية ضئيلة جدا او معدومة وان سياسة فتح الابواب امام جميع فئات المجتمع للتعبير عن نفسها وطموحاتها تقدم ارضية مناسبة للاصلاحات, وان تلك الدول في هذه المرحلة الحساسة معنية بالقيام باصلاحات سياسية واقتصادية جذرية ومصالحة حقيقية اكثر من اي وقت مضى, ان ارادت الحفاظ على وحدتها وتعزيز استقرارها الوطني.
* مستشار الرئيس العراقي