تدفع بي الاحداث المتعاقبة والمتسارعة ، واخرى في مرحلة الخداج الى الابحار والمخاطرة بفكري ومخاوفي وهواجسي لأتـَّنقـِل في بلدان الربيع العربي الذي تـُطوَّقه الان نفس القوى التي ساهمت في انطلاقه بعد ان لفظت انظمة ً عمدَّتها منذ عقود ثم عادت فأطاحت بها ، وما برحت فيما بعد ان تلقفـَّتها واحتضنتها ثانية ريثما ترى ما سيأتي به الغد.
هذا ماحدث في مصر المحروسة وفي ليبيا المختار وفي سوريا العظمة ، والى حد ما في تونس الخضراء، فالقشطاليون لم يغادروا الساحات العربية وهم لا زالوا بين ظهرانينا.
فإذا ما تحدثنا في شأننا العربي ونحن على اعتاب مطلع الصيف بدفئه المبكر ، فلن يخرج الحديث عن مرارة حكم القوي الذي يتشبث بالحكم وكأن بلادنا العربية اصبحت مزارع لهم ولابنائهم ، والكل يتمنى ان يصبح القوي ضعيفا والضعيف قادرا ومزهوا .
والسؤال الاهم والذي يبرز من صول الاحداث وتتابعاتها وتداعياتها : هل تماشت ثقافتنا الدينية والاجتماعية والسياسية في تاريخنا العربي مع مبدأ الديمقراطية الغريبة عنا والتي هي بمثابة بضاعة مستورده ؟ هل كنا سنكتفي بالحكم الرشيد ومجلس الشورى من خيرة القوم ؟ وفي هذا كنا قد تجنبنا الكثير من الويلات التي اكتوينا بها من خلال الاحزاب التقدمية كالبعث مثلا والتي جاءت ضمن استراتيجية " وحده حرية اشتراكية " - فتمزقت الوحده ووئدت الحرية وسُرقت اموال الدولة – وتحول الحكم الرشيد الى الحكم الازلي الاوحد والشعب يهلل ويرقص ويهتف للقائد الرائد والذي قيل في احدهم من قبل رجل دين " لو جئت قبل محمد لكنت انت محمداً" .
واذا ما جنحنا من الحكم الرشيد الى الاصلاح السياسي والبرلمانات المنتخبة والاحزاب ، فهذه الاطروحة لها معالمها ومنابرها ولا تؤخذ الا حزمة واحدة ، فلا تجزء لارضاء هذا او ولمقايضة ذاك .
اننا في الاردن وبعد انتظار طويل خرج الى النور "قانون الانتخاب الجديد " بعد ان سمعنا عنه الكثير بمخرجاته ومفرداته بعد ان استغرق عمله زمنا طويلا في جمعه وترتيبه وانتاجه واخراجه . وما ان ظهر في الصحافة المحلية حتى اخذت التعليقات تنهمر عليه من كافة المحافظات لتقول فيه قولا حسنا اعادني الى "العرس الديمقراطي" في الانتخابات السابقة وما قبلها من " نزاهة تامه" !!. فالمهللون هم انفسهم نراهم ونسمعهم في كل مناسبة في اجواء البشر والترحاب كالعادة في كل تبعية وانحسار فكري . فالقانون بحاجة الى دراسة وتمحيص وحذف من هنا واضافة هناك . ليكون بمثابة النقلة الحضارية للمضي في بناء الاردن الحديث ،وليس مجرد " فزعة " نطلق لها الرصاص في الهواء ونملىء الاجواء بالهتاف والتعييش والتهليل .
انه القانون الشامل الوافي العادل . هذا ما تريده اغلبية الناس في بلد الاسرة الواحده والارض المباركة والنظام المتفق عليه .
فإذا كانت ارادة الشعب الاردني تاتي عبر صناديق الاقتراع لصالح مرشحي جبهة العمل الاسلامي او مرشحي الجبهة الوطنية او حزب الجبهة الاردنية الموحدة او اي من الاحزاب الاخرى ، فهذا خياره وهو يتحمل المسؤولية . فإذا اصاب نجح واذا اخطأ فذاك مردود عليه.
ان مجلس النواب السادس عشر سيدخل التاريخ من الباب الواسع اذا ناقش القانون الجديد بكل اهتمام ومصداقية قبل الموافقة عليه وتمريره " كقانون " . ليتشاور الاخوة النواب مع قادة الفكر والسياسة والاحزاب والمجتمع المدني ويخرج بتعديلات قادرة ان نسير بها نحو بناء الاردن الحديث وما اقوله اليوم فلربما يقوله الكثيرون غيري :
هل الكوتا الحزبية على مساواة كوتا المراة قادرة ان تاتي بحكومة برلمانية ؟ واين الاحزاب من كل هذا ؟ وهل عادت الدائرة الوهمية في كوتا الالوية الغير محظوظه ؟ وهل خمسة عشره صوتا للوطن في قائمة مغلقة او مفتوحة لا تزيد الواحد منها عن خمسه قادرة لان تضع اسس الفكر الحزبي ومداولاته في المجلس المنتخب ؟
الاردن كله دائرة مغلقة دون توريات وتركيبات وتعجيزات ووهميات لاقصاء هذا و جلب ذاك ، فكلنا ابناء وطن واحد . تمزقت وتفرقت العشيرة الواحده في نظام الصوت الواحد والدوائر الوهمية . لسنا بحاجة الى اعادة ترتيب الحروف في كلمات جديده قديمة . ان قوة الداخل وترابطه هو الرديف لكل القوى الاخرى التي ستقف بصلابة امام كل التحديات التي يُخطـَّط لها للعصف بهذا الوطن الآمن المستقر.
ما قرأته بكل استيعاب وباتزان فكري لا يتماشى على الاطلاق مع تطلعات الحراك الشعبي في الربيع العربي بل هو يبتعد بنا عن نقطة تلاقي الشعب والدولة .