.... كما العهد بجلالته ومنذ توليه لسلطاته الدستورية عام 1999 فانه ما انفك يثبت بالفعل على تلازمية وحتمية قربه من أفراد أسرته الاردنية الكبيرة ، وما ان جاء الاعلان عن زيارته المرتقبة الى مناطق البادية الشمالية هذا الاسبوع حتى أيقن قاطني هذه المناطق ان مليكهم قريب منهم ، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم ، ويتوق شوقا" لتحقيق آمالهم وامنياتهم .فغدت أعناقهم مشرئبة توقاً لألق لقاء يفوق الوصف ، تمتزج فيه كياسة التواضع الملكي ببراءة وتلقائية الرعية وتتلاقح فيه رغبة الآمر بالانفاذ مع تطلعات المأمور لتحقيق المأمول ، وحالهم جميعا يرددون أهلا بسيدنا .

جلالة الملك والحكومة أكدوا وفي الكثير من المناسبات واللقاءات على التزامهم الواضح والصريح على جدية احداث تغيير محسوس يطال تقويم واصلاح الحياة السياسية وغيرها من النواحي التي تمس حياة المواطن ، حيث تم بالفعل انجاز عدد منها مؤخرا كالتعديلات التي طالت بعض مواد الدستور والالتزام باجراء انتخابات برلمانية هذا العام وفق قانون انتخاب حديث يلبي آمال وطموحات الاغلبية واحالة بعض ملفات الفساد الى القضاء وغيرها ، ولقد شهدنا ان الاستجابة لهذه الالتزامات قد جاءت نتيجة لمطالبات الحراكات المتعددة ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة وتمنيات غالبية فئات الشعب الغير مسموع صوتها ،

وهذا بالطبع دليل واقعي وضح للعالم على انه يتوفر في الاردن أرضية قوية من التوافق الفكري والوجداني المتسمان بالسلمية والحضارية والمتولدان من رسوخ الثوابت الوطنية الاردنية التي ترتكز عليها وبثبات كافة مكونات الدولة الاردنية من أجل رفعة الوطن وطمأنينة أهله ، هذه المكونات برهنت وضربت للعالم مثلا في روعة التلاحم والتناغم نحو تحقيق الاهداف باسلوب سلمي ونهج حضاري راق مبعثه تجذر ورسوخ الثوابت الوطنية الاردنية في وجدان كل مواطن اردني . بالمقابل أعي وادرك ان هناك ثلة من أبناء الوطن أيضا سيقولون ان المنجزلا يرقى الى المستوى المطلوب وان هناك الكثير من الاصلاحات والمطالبات يتوجب الاستجابة لها وانجازها لمصلحة الوطن وبسرعة .

التجربة المقرونة بالحكمة برهنت بالفعل لا بالقول ان " اثنين عاقلين لا يصلان لقاض أبدا" ، والقيادة الاردنية ومنذ تشكيل الامارة وحتى يومنا هذا أثبتت بالفعل أنها صادقة في توجهاتها ونواياها وبرهنت انها قيادة ذات رؤية اصلاحية على الدوام تنشد التطوير والتحديث بصورة مستمرة من أجل الوطن ومواطنيه ، وأنها تميزت بانحيازيتها الواضحة للحق بالرغم مما واجهته وتواجهه من ظروف وعقبات وصعاب وانها بقيت صامدة في محافظتها على الاستمرار في نهجها المتسم بالوسطية والاعتدال اللتان وفرتا لها أعمدة ارتكاز راسخة أسست لبناء قاعدة حكم متينة مكنتها من السير قدما في المحافظة على ثوابتها ومبادئها ، ساندها ويساندها في ذلك شعبها الذي ما انفك يؤمن بنهج التسامح والانفتاح وقبول الآخر وبالحرية والعدالة والايثار.

الزيارة الملكية المرتقبة الى مناطق البادية الشمالية هذا الاسبوع تصب في معين التوكيد مرة اخرى على جدية الملك ونيته الصادقة في الاستماع مباشرة الى امنيات ومطالب ابناء الوطن والاخذ بها للتأسيس عليها في مسيرة البناء والاصلاح المستمرة التي يقودها جلالته بنفسه حيث أتوقع أن يلمس جلالته هذه المرة نضوجا فكريا متزايدا في تحديد وتوصيف الآمال والتطلعات والعقبات وروئ تواقة لاحداث مزيدا من الاصلاحات وخاصة تلك المتعلقة بالتنمية والصحة والتعليم والمشاركة السياسية وخاصة توقهم الى الاستماع لكلام ملكي لا رجعة فيه عن تشجيعهم وحثهم على الانخراط الكامل في الحياة السياسية والمشاركة فيها بفاعلية وخاصة فيما يتعلق بتشكيل الاحزاب أو ألانضمام الىيها والالتزام بضمان حقوقهم وصون كرامتهم وعدم المساس بهما من اي جهة كانت عندما يتعلق الامر بذلك لان الكثير منهم ما زال متوجسا أو مترهبا أو مترددا وبحاجة الى تطمينات وتشجيع من رأس الدولة نفسه .

سيدنا سيلمس بالمقابل من مستقبليه التزاما متأصلا في وجدانهم الفطري يؤكد على ان تقدم الاردن ورفعته مسؤولية الجميع وانهم ما كانوا يوما الا توافقيين ، اصلاحيين ، متآخين ، رافضين ولافظين لكل ما من شأنه ان يعكر صفو السلم الاهلي وملتزمين في المحافظة على نسق تراتبية حبات هذا العقد الفريد من العلاقة بين الحاكم والرعية عبر تسخير واستخدام كافة القنوات والوسائل السلمية المتاحة لمحاربة العنف بكافة اشكاله واغتيال الشخصية والفقر والبطالة والفساد والتأكيد على الثوابت الوطنية الاردنية والاحتكام للقانون واحترامه والنظر للمستقبل بكل تفاءل وبيضاوية .

وعاش الاردن موئلا للسلم والسلام والرخاء وأهلا بالملك .