يعرّي الصحافي الفرنسي برنار لونغلوا, في مقال نشره عبر الانترنت, انحياز وسائل الإعلام الفرنسية الفاضح لـ "إسرائيل" وانتهاكاتها المتواصلة.

ولم تمض أيام قليلة على قصيدة غونتر غراس, يُلقّن الاوروبين درساً أخلاقياً ومعرفياً قاسياً آخر على يدي أحد إعلامييهم المخضرمين.

لونغلوا, فُصل من عمله عام 1982 ، نتيجة اعتراضه على "عدم مهنية" القناة الفرنسية الثانية, في تقديمها أخبار الظهيرة, ليعود - اليوم - بـ 10 قواعد تُشكل مضبطة اتهام للإعلام الفرنسي نتيجة تحيزه لآخر احتلال في القرن العشرين.

وفي الوقت نفسه يقوم مسرحيون بريطانيون بحملة لمنع مشاركة فرقة إسرائيلية, في مهرجان تشهده لندن, احتجاجاً على تقديمها عروضا في مستوطنات "غير شرعية".

رهان مفتوح على هذه الانتقادات الموجهة للسياسات الغربية المنحازة للكيان الصهيوني, بأن تعقد محاكمة تاريخية لعقل أوروبي رفض إدماج اليهود في بلاده, فعاشوا معزولين أو "مسيحيين من الدرجة الثانية", وفق المصادر التاريخية, ليمنحهم لاحقاً - ما لا يملكه- وطناً قومياً في فلسطين العربية.

"عقل أوروبي" يرى جميع الشعوب, أقل مرتبة منه, ويحتكر سردية تاريخية تضمن إدامة مركزيته الثقافية التي تصدّر اعترافها أو إنكارها حيال ما ينتجه العالم.

"مركزية" تجافي الموضوعية والمنهج العلمي حين تُصبغ آراء سياسية على قصيدة أو عمل فني, وهي لا تدافع بذلك عن "إسرائيل" إنما عن وجودها ومصالحها, وحينها تتجلى أوهام الديمقراطية في كونها "حكْم الأثرياء", بحسب تعبير الروائي البرتغالي الراحل ساراماغو, الذي كرّس حياته لتقويض الرأسمالية الغربية وادعاءاتها, معتقداً أن أبناءها "مصابون بالعمى: أناس عميان بإمكانهم أن يروا لكنهم لا يريدون".

واسترداداً لبصيرة "مفتقدة", رأى ساراماغو, الحائز على نوبل عام 1988 ، أن "ما نحتاجه هو حركة احتجاج عالمية من الذين لم يستسلموا لليأس بعد".

وريثما يتنادى المحتجون إلى الشوارع, نستمع إلى نكتة رديئة باللغة العبرية, على لسان وزير داخلية "الكيان" بأن غونتر غراس غير مرغوب فيه في "إسرائيل".

"رغبات يائسة" تستبد بأصحابها, مطلقين تصريحات "هستيرية", تُذكر بتلك العاصفة التي سببتها قصيدة محمود درويش "عابرون في كلام عابر" عام 1988 .

mahmoud1st@hotmail.com

العرب اليوم