في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الأردن والإقليم, تطفو على السطح مجموعة من الظواهر غير المحمودة, خاصة يتعلق بالتراشق الإعلامي والحملات الإعلامية التي تطفح بالنزق والحدة والانفعال, التي تزيد حدة التأزم والتوتر في الساحة السياسية التي ربما تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
في ظل الغيوم المتلبدة التي تسمح لبعض الأطراف أن تمارس هوايتها ورغبتها في التأزيم والتوتير وتحقيق أمنيتها بإقصاء بعض الأطراف وتهميش الخصوم, فهل من الممكن أن تكون هناك فرصة في الربع ساعة الأخيرة لحوار جاد بين الأطراف الفاعلة, وأن تتحمّل مسؤوليتها التاريخية في التعاون على إنقاذ البلد, والخروج من هذا المأزق بأقلّ الخسائر الممكنة التي تلحق بحقوق الشعب الأردني ومؤسسات الدولة.
أنا أعتقد أنّ هناك فرصة وإن كانت حرجة وقليلة وضيقة, ولكن هناك عقلاء وهناك حكماء وهناك من يتحمّل المسؤولية, ويحمل الهمّ العام, قادرون على الحوار وقادرون على التشاور والوصول إلى حلول مرضية تحترم المصلحة العامّة, وتعلي الشأن العام, وقادرة على تقليل أثر الأجندات الشخصية والمصالح الحزبية والفئوية والجهوية.
نحن جميعاً معنيون بالإصلاح, ومعالجة الملفات الصعبة, والارتفاع بالحياة السياسية نحو مستوى معقول ومقبول من الديمقراطية وقدرة معقولة على وضع حد للفساد المستشري في أوصال الدولة والقدرة على إنقاذ مقدرات الدولة من مخالب القلة القليلة التي استأثرت بالمشهد السياسي والاقتصادي فترة طويلة من الزمن, وأخذت فرصتها في محاولة تحقيق وجهة نظرها في المسار الاقتصادي والسياسي, الذي أودى بالاقتصاد, وزاد المديونية وعطّل الإنتاج وبدّد المال العام, وزادت شريحة الفقر وزاد العجز في الموازنة, وزاد الاعتماد على المنح والقروض الخارجية, ما جعل جميع العقلاء يصلون إلى نتيجة تتلخص بالفشل التامّ والذريع الذي جعل البلاد والعباد في هذا المأزق العريق.
إنّ الفرصة متاحة الآن لكلّ من يحمل فكراً نيّراً أو رأياً صائباً من الأفراد والقوى السياسية والاجتماعية التي تحظى باحترام الأردنيين وتحتل موقعاًً في نفوس الشعب الأردني, من أجل وضع حدٍ لهذا السيل الجارف من النزق الإعلامي والسياسي الذي لا يحمل مبشرات خيّرة; بل يريد تعميق الأزمة وايجاد الشرخ الذي يسمح باستمرار معادلة الفساد السابقة وتهميش قوى الشعب الأردني الحيّة والفاعلة.
ينبغي أن نتجاوز المرحلة الصعبة معاً, ويجب أن نتعاون في ايجاد أرضية صلبة تصلح للانطلاق نحو الإصلاح الحقيقي المرضي للشعب الأردني, ويجب التوافق على معالم المرحلة الانتقالية التي تهيئ للمرحلة الجديدة التي تلبي طموحات محبي الإصلاح, ولا تؤدي إلى الإحباط المؤدي إلى التراجع, وإلى مزيد من التدهور على جميع الأصعدة وفي كلّ المجالات.
rohileghrb@yahoo.com
العرب اليوم