قائمة مغلقة في وجه الإصلاح
فهد الخيطان
09-04-2012 03:32 AM
فوجئت الأوساط السياسية والحزبية بالصيغة التي اعتمدتها الحكومة لنظام القائمة المغلقة في قانون الانتخاب. فحتى اللحظة الأخيرة، كان الحديث يجري عن قائمة وطنية عامة، غير أن الحكومة اختارت نظاما غير مسبوق للقوائم، أقرب ما يكون إلى نظام "الكوتا" المتبع في تمثيل النساء.
لكن إشكالية الصيغة لا تقف عند هذا الحد؛ فقد خضعت لنفس الهواجس التي وقفت وراء اعتماد الصوت الواحد قبل 19 عاما، وهي الخوف من سيطرة الإسلاميين على البرلمان. ولهذا أقرت نظاما للقائمة لا يسمح للحزب بالترشح لأكثر من خمسة مقاعد من بين 15 مقعدا خصصت للقائمة المغلقة.
نظام مشوه للقوائم، لم يرض الأحزاب ذاتها، ولا الطامحين إلى إصلاح الحياة البرلمانية. ونسجل هنا جملة من الملاحظات حوله:
ابتداء، المقاعد المخصصة للقائمة متواضعة للغاية، ولن يُحدث وجود 15 نائبا من بين 138 أي فرق يذكر في عمل البرلمان. ولذلك، تنبغي زيادة حصة القائمة لتصل إلى 25 مقعدا على الأقل، فمن غير المعقول أن تكون حصة "الكوتا" النسائية أكثر من قوائم يفترض فيها أن تمثل المجتمع نساء ورجالا.
لقد تجاهل النظام المقترح حق الحركات السياسية والشبابية الصاعدة في تشكيل القوائم، وفرض عليها الالتحاق بقوائم الأحزاب والخضوع لشروطها فيما يتعلق بترتيبهم في القائمة. وتلك مشكلة عويصة تلازم نظام القوائم المغلقة؛ إذ ليس من السهل التوافق على ترتيب أسماء المرشحين في القائمة، بخلاف القوائم المفتوحة التي تحفظ لكل مرشح حظوظه بالفوز بغض النظر عن ترتيبه في القائمة.
ليست قوى الحراك الشعبي هي التي هضم القانون حقها فحسب، بل الشخصيات المستقلة والفاعلة في الحياة العامة؛ فهي الأخرى ستكون تحت رحمة الأحزاب.
تحديد حصة الحزب بخمسة مقاعد في القائمة، المقصود منه هو الحركة الإسلامية التي تخشى أوساط في الدولة من فوزها بكامل مقاعد القائمة. إنها نظرية متهالكة بحق، وتنطوي على سذاجة بالغة؛ فلكي تفوز قائمة الإسلاميين بجميع المقاعد الـ15 وفق نظام التمثيل النسبي للقوائم، فإن عليها أن تحصل على نسبة 100 % من أصوات الناخبين على مستوى الوطن. إنه أمر مستحيل بالطبع، وإن تحققت مثل هذه المعجزة، فمعنى ذلك أن المجتمع كله مع الإسلاميين، وهذا سيناريو غير قابل للتحقيق في أفغانستان، فما بالك في مجتمع متنوع مثل المجتمع الأردني. ويتبادر إلى الذهن سؤال: ماذا لو تحايل الإسلاميون أو غيرهم من الأحزاب على هذا الشرط التعسفي، بالطلب من عشرة أعضاء في الحزب الاستقالة قبل الانتخابات ليضافوا بعد ذلك إلى المرشحين الخمسة ليشكلوا قائمة كاملة، ثم يستعيدوا عضويتهم الحزبية بعد الانتخابات؟
لم يقدم المشرع تفسيرا مقنعا للسبب الذي دفعه إلى حرمان الأحزاب المرخصة حديثا من تشكيل القوائم، فهل هذا جزاء من صدقوا دعوة الدولة لمواطنيها بالانخراط في الأحزاب؟
إن كل هذه المثالب في النظام الذي اعتمدته الحكومة يمكن معالجتها بتعديل بسيط، تلغى بموجبه صفة الحزبية عن القائمة لتصبح قائمة وطنية، يحق لم يشاء من الراغبين في خوض الانتخابات تشكيلها على مستوى الوطن. كما يتعين على الحكومة تحديد نسبة الحسم اللازمة للفوز بأي من مقاعد القائمة. نظام القائمة الانتخابية بصيغته الحالية لا يجد تأييدا من أغلبية القوى الفاعلة، ولا بد من تعديله قبل أن تتحول المعارضة للقانون إلى مقاطعة للانتخابات المقبلة.
fahed.khitan@alghad.jo
الغد