المبالغة في الاقتراض الداخلي شـر والمبالغة في الاقتراض الخارجي شـر خاصة إذا كان الاقتراض لمجرد سد العجز في الموازنة وليس لتمويل مشروع اقتصادي قادر على خدمة ديونه. وإذا كان لا بد من الاقتراض ، فعلينا أن نختار أهـون الشرين وهـو الاقتراض الداخلي.
نظرياً تستطيع أية دولة مسـتقلة بجرة قلم أن تسدد كل ديونها المحليـة بإصدار كميات من العملة الوطنيـة ، وإن كان هـذا يعني حدوث تضخـم جامح. أما الاقتراض الخارجي فليس كذلك ، لأن الحكومة الوطنية لا تسـتطيع طبع الدولار أو اليورو.
المديونية الداخلية مطلوبة لبنوك محلية خاضعة للقانون والأنظمة وتعليمات البنك المركزي ، ولا تستطيع أن تتعسـف في تعاملها الائتماني مع الخزينة. أما المديونية الخارجية فتعـود لبنوك وحكومات أجنبية ، قادرة على الضغط على المدين العاجـز عن التسديد ومصادرة حريتـه واستقلاله وإملاء الشروط عليه.
الفوائد المدفوعة على الديون الداخليـة يتم تدويرهـا داخل الاقتصـاد الوطني ، أما الفوائد المدفـوعة على الديون الخارجية فيجب تحويلها إلى الخارج بالعملة الأجنبيـة ، مما يؤثر سلباً ليس فقط على ميزان المدفوعات بل على النمو الاقتصادي أيضاً.
وكالات التصنيف الدولية التي تقيـّم اقتصادات الدول ، لا تهتم كثيراً بالمديونية الداخلية فهي من البلد وإليـه ، ولكنها تقف أمام المديونية الخارجيـة. وعلى سبيل المثال فإن ستاندرد اند بورز قدرت مديونيـة الأردن بحوالي 5ر22% من الناتج المحلي الإجمالي ، وتوقعت أن ترتفع إلى 45% مما يـدل على أنها تتحدث عن المديونية الخارجية وليس عن مجمل المديونيـة.
نقول هذا بمناسـبة ما قيل من أن الحكومة تفكر بإصدار سـندات بالدولار في السوق العالمية بحجة أن البنوك المحلية تطلب أسعار فائـدة عالية ، وكأن البنوك الأجنبية سوف تطلب أسـعار فائدة أقل ، علماً بأن العائد على السندات السـيادية الأردنية في سـوق لندن يتراوح اليوم حول 25ر6% مع أن السـعر بين البنوك هناك لا يزيد عن 5ر1%.
في هذا المجال لا نسـتثني الاقتراض من البنك الدولي أو صنـدوق النقد الدولي ، فهو أسـوأ من الاقتراض التجاري لأنه لا يقبل الشـطب أو التخفيض أو إعادة الجدولة. والفائـدة عليه تعادل السـعر التجاري مضافاً إليه نسبة محـددة. وليس له من ميزة سوى طول فترة السداد.
في الموازنة العامة تقدير للاقتراض الخارجي خلال سنة 2012 في حـدود 284 مليون دينار ، وهو بنـد مزعج ، إلا إذا كان يمثل مسـاعدات أو تمويل مستوردات رأسمالية وليس اقتراضاً تجارياً بحتاً.
الرأي