الأردنيون: الإبداع أو الإملاق
ابراهيم غرايبه
05-04-2012 03:18 AM
الأردنيون مبدعون بالقدر والتاريخ، لأنه ببساطة لا فرصة للازدهار للأردنيين إلا بالإبداع. فأن يكون الأردن في حالة من التقدم والازدهار، يعني بالضرورة "إبداعا". وتاريخ الازدهار والتقدم في الأردن يقوم على الإبداع (وهذه مقالة أخرى). فهذا الجزء من العالم لا يملك موردا إلا الإنسان المبدع. وهكذا نشأت التجارة والطرق والمدن التجارية و"الإيلاف" والكتابة، والسفن التجارية التي تمخر البحار بحمولة تصل إلى 600 طن، وكان هذا معجزة توازي معجزة حاملة الطائرات؛ وزيت الزيتون والملح والنبيذ، والطهو، والفنون، والقيمة المضافة إلى الأعمال والسلع.. مثل القماش الذي يستورد ثم يصبغ بألوان لا يعرف سرها إلا أصحابها فتتضاعف قيمتها.. الواقع أنه لا أمل لنا إلا في الإبداع. ولشديد الأسف، فإن الإبداع لا يأتي منحة مثل الماء أو النفط، إنه حالة توتر دائمة لا تتوقف، لأن التوقف يعني الفناء، كما حدث بالفعل في مرحلة من التاريخ.
ربما يكون الإبداع المطلوب في الاقتصاد الأردني هو الإجابة عن أسئلة من قبيل: كيف ننشئ اقتصادا اجتماعيا يشارك فيه جميع المواطنين، ويجعلهم جميعا أعضاء منتجين؟ وكيف نواجه تحدي الماء والطاقة؟ وكيف نجعل الصحراء مصدرا للإنتاج ومجالا لمدن وتجمعات سكانية منتجة؟ وكيف نقلل الواردات أو كيف نوفر ما يمكن توفيره بدلا من السلع المستوردة، وبخاصة تلك التي يمكن إنتاجها وتوفيرها، وربما تصديرها؟ وكيف نقلل تكاليف الاحتياجات الأساسية ونجعلها متاحة لكل المواطنين؛ السكن واللباس والطعام والصحة والتعليم؟ وكيف نوظف التعليم ونطوره في بناء اقتصاد إبداعي؟ على المستوى الفردي، فإن السؤال ببساطة: كيف يمكن للمواطن، ضمن معدلات الدخل وفرص العمل والتوظيف المتاحة، أن يحصل على حياة كريمة؟ أو بقدر من المرارة المشروعة، كيف نحصل على أعمال تمكننا من دفع إيجار البيوت وتجعل لنا أملا في امتلاك بيت في المستقبل غير البعيد؟
لا يمكن تجاوز الابتداء بالعمالة الوطنية وإحلالها محل الوافدة في مجالات الزراعة والبناء والحرف، ليس فقط لتوفير العمل للأردنيين، ولكن لأنه لا مجال للإبداع إلا حول عمالة وطنية في هذه المجالات، فيستطيع الأردنيون مع تراكم الزمن والتجارب والأجيال أن يطوروا اقتصادا اجتماعيا وحرفيا، يجعل من هذه المجالات نواة لاقتصاد واسع وخبرات متطورة وعمليات تعليم وتدريب ومواكبة للتقنية، وتجمعات سكانية واجتماعية وإبداع ثقافي وفني متشكل حولها.
وفي التعليم، يجب أن نشرع، وبسرعة هائلة، في مبادرات واسعة، تقوم على تغيير دور المدرسة وتوزيع الأدوار بين الأسرة والمجتمع والمدرسة، والاستفادة من فرص الشبكية في التعليم، والتعلم الذاتي والتعليم المستمر، والاهتمام الكبير بالمواهب والمهارات في التعليم؛ الكتابة، الفنون، الموسيقى، العمل الجماعي، القيادة، والمهارات الرياضية.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
الغد