أرقام مرعبة ما كشف عنها رئيس المعهد الملكي للدراسات الدينية د. كامل أبو جابر, حول انخفاض في أعداد المسيحيين في الأردن بنحو 3%, ودراسة وتقرير أكثر رعبا ما كشفت عنها دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية في تقرير عنوانه"عزل وظلم: عيد الفصح تحت الاحتلال" عن تسارع وتيرة هجرة المسيحيين من الأرض المقدسة منذ عقدين وان هجرة المسيحيين متواصلة وبتسارع.
ونتج عن ذلك انخفاض حاد في عدد المسيحيين في القدس وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة, ما أدى إلى التراجع التدريجي للوجود المسيحي والطبيعة المسيحية للمدينة المقدسة.
ارقام ابو جابر, ارجعت أسباب تراجع عدد المسيحيين في الأردن إلى عوامل عدة, منها ما ارتبط بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والخصائص الثقافية والمهنية, إضافة إلى الهجرة وجاذبية الدول التي هاجروا إليها .
اما تقرير منظمة التحرير فقد أفاد ان الاسباب التي تدفع المسيحيين إلى الهجرة هي نقص الحرية والأمن والتدهور الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي والتعليم خارج البلاد ولمّ شمل العائلات والجدار الإسرائيلي والحواجز العسكرية والتطرف الديني.
مهما تكن الاسباب, فإن تفريغ الارض العربية من أحد عناصر مكوناتها الاساسية جريمة مكتملة العناصر, وتفريغ القدس تحديدا من احد جدران حماتها الحقيقيين, هي سياسة صهيونية تعرف جيدا حقيقة المسيحيين العرب.
وحتى لا نفعل مثل النعامة وندفن رأسنا في الرمل, لنتحدث بصراحة, أن حجم القلق لدى المسيحيين العرب, ليس في الاردن وفلسطين تحديدا, بل في معظم الدول العربية, في ازدياد منقطع النظير, وتضاعف اكثر بعد مخرجات الربيع العربي, وسيطرة الخطاب الديني على الخطاب المدني, واصبحت المجتمعات مختطفة للطروحات الدينية والمذهبية والصراعات الطائفية.
هل ينكر احد أن تصريحا لأحد المشايخ, يدعو فيه إلى هدم جميع الكنائس في الجزيرة العربية, لا يمكن أن يمنح الاطمئنان, لأي مسيحي حتى للمسيحي العلماني, كما انه لا يمنح للمسلم الشعور بالامان من سطوة رجل الدين إن وصل إلى السلطة, واصبحت الفتاوى نظام الحكم, لا القانون.
وهل ينكر أحد أن كثرة الفتاوى وبعثرتها, وتدخلها في كل شؤون الحياة, تسبب رعبا على الحياة المدنية.
وهل ينكر احد ان هدم كنيسة في مصر أو العراق, يجعل المسيحي العربي في هذه البلاد يفكر جديا بالبحث عن الأمن والامان في أماكن اخرى?
وهل ينكر أحد ان بروز التيارات السلفية, وخطابها الديني في التعامل مع اصحاب الديانات الأخرى, وخروجها الى شوارع الزرقاء مثلا حاملين سيوفا حتى لو كانت بلاستيكية, ألا يثير ذلك مخاوف المسيحيين العرب.
أقولها بصراحة ان بقاء المسيحيين العرب كجزء اساسي من مكونات الأمة هو مصلحة وطنية للأقطار العربية والأمة بشكل عام وفي فلسطين بشكل خاص.
osama.rantesi@alarabalyawm.net
العرب اليوم