الإجابة سهلة! المسألة تحتاج إلى حملة علاقات عامة بسيطة تبتدئ بنشر كِتاب, وتنظيم حفل توقيع لمؤلفه, وصياغة بضع أخبار تُظهر صورة الكاتب مبتسماً, وترتيب مقابلات بمساعدة الأصدقاء من سدنة الصحافة الثقافية.
"صحافة" تكتظ بالمتابعات "الكرنفالية", والمقالات والتغطيات التي تُنشر على قاعدة "سلف ودين", حيث تتبادل كل "شلّة" مهمة الكتابة عن أعضائها وأصدقائهم, ولا ضيْر إن استنسخت التغطية نفسها في أكثر من صحيفة.
وتبعاً لهذه القاعدة تُوزع الأدوار في المهرجانات والمؤتمرات الثقافية, التي تصرّ على أمرين: التأكيد أن الثقافة تعبر عن روح الأمة بينما هي مُلحقة بذيل كل السلطات العربية, وعلى فرْض الأسماء المدعوة ذاتها في كل عام.
وأثناء الانخراط في "النظام الثقافي العربي", يُعين شاعر - يدعي اخلاصه للشعر وللحرية- سفيراً غير آبه بطائرات "الناتو" التي جاءت بنظامٍ سيقبل اعتماده دبلوماسياً لديه في مراسم تجاور المجازر المستمرة.
"نظام" يتيح انقسام المثقفين, في سجالات "وهمية", حول الجمال وسلطة النص وتفكيكه, تضمن إدامة الأقنعة التي تستخدم كلما قررت الحكومات الاستعانة بها.
ربما أضاف العالم بشؤون العلاقات العامة فكرة استثمار الفيسبوك بصفحة تجذب المعجبين, ويكتب عليها آخر العبارات, التي أطلقها الكاتب "المُصنّع حديثاً", وأين سيسافر أو يسهر ليلته, لإضفاء لمسة استثنائية على شخصه.
قواعد التصنيع يجري تطويرها وفق الأحداث المتلاحقة, فيمنح "أفضلية" للأديب, الذي يتناول مواضيع الساعة, فتُمجّد الانتفاضات العربية - على سبيل المثال- جلباً لقراء أكثر, وتعبيراً عن "التصاق" الأديب بهموم الناس ومعاناتهم.
"جمعة مشمشية" لن تطول, إذ يكفي التذكير أن المواضيع المقررة - قبل بدء الاحتجاجات الشعبية - تركزت على مادة الجنس, وراجت أعمال كثيرة لكاتبات مغمورات.
رواجٌ انتهت موضته, التي قد تعاود الظهور مرة أخرى, وننعم حينها بكتابات نقّاد تؤشر على تفاصيل يستعصي على غيرهم ملاحظتها.
"تفاصيل" تؤثث مشهداً ثقافياً مزيفاً يتسوّل السلطة, ويستجدي المال لإفساده, ولا تنقصه مهارات تُوظف أمنياً!
"ابتسم! الصورة بتطلع أحلى, وخبرك علينا". دمتم ودامت الثقافة بخير.
mahmoud1st@hotmail.com
العرب اليوم