نحو الحوار بين دولة منفتحة وحراك واضح الأهداف
باتر محمد وردم
03-04-2012 07:19 PM
أعتقد بأن كل مواطن أردني مهتم بمستقبل هذا البلد واستقراره وازدهاره يشعر بقلق بالغ إزاء تطور المواجهة ما بين مؤسسات الدولة (الأجهزة الأمنية المختلفة) وما بين مجموعات شبابية مختلفة تظهر بين الحين والآخر لترفع من سقف شعاراتها بما يصل إلى استهداف رموز الدولة. مصدر القلق ليس فقط نوعية الشعارات المرفوضة بل ايضا كيفية التعامل مها. نحن نريد مخرجا لهذه الأزمة يوقف هذه الشعارات المسيئة ويوقف ايضا اللجوء الوحيد إلى الخيار الأمني في مواجهة مطلقيها، ولا يمكن أن يحدث أحد الأمرين دون الآخر.
سمة الحراك الشعبي اليوم هي الغضب والذي سمح المناخ السياسي الحالي بالتعبير عنه بطرق غير مسبوقة، ولكن الغضب ليس حالة سياسية يمكن أن تصنع تغييرا إيجابيا. في نفس هذا السياق فإن التعامل الامني فقط مع الغضب يمكن أن يؤدي إلى المزيد منه ولن يصل إلى حلول مشتركة تساهم في تنظيم هذا الغضب وهو طاقة قد تكون ايجابية في حال تم وضعها على الطريق الصحيح للإصلاح.
ليس من المنطقي أن يتراجع السياسيون عن مخاطبة الشبان الغاضبين ويتركوا هذه المهمة للأمن. لا يوجد ما يمنع رئيس الوزراء والنخبة السياسية الرسمية من تنظيم حوار مفتوح مع جماعات الحراك الشعبي يتم فيه الوصول إلى تفاهمات محددة تمنع من انتشار الشعارات التي تسئ للرموز الوطنية وتساهم في توتير الأجواء. في نفس الوقت يمكن لهذا الحوار أن يفتح قنوات مستدامة للتواصل ما بين الحكومة والشارع بدلا من وضع كل المسؤولية على الأمن العام والذي أصيب بالإرهاق والتعب ولم تعد لديه قدرة على حمل هذه المسؤولية الجسيمة لفترات طويلة دون ارتكاب أخطاء نابعة أيضا من نفس الشعور بالغضب والإحباط.
ولكن الدولة تحتاج أيضا إلى التفاهم مع بنية واضحة وليس تشكيلات زئبقية تظهر في كل مكان ولها مطالب مختلفة وأحيانا متناقضة. يجب أن يكون واضحا للدولة وللمهتمين من النشطاء السياسيين من هو الحراك الشعبي ومن يمثله وما هي تركيبته والأهم من ذلك ما هو خطابه. هل يوافق الحراك الشعبي في المجمل على الشعارات التي رفعت في الدوار الرابع وقبلها أمام سجن الجويدة وقبلها في مواقع مختلفة؟ في حال لم يوافق الحراك هل يستطيع أن يتحمل المسؤولية في منع إطلاق هذه الشعارات من أجل الوصول إلى أرضية مشتركة للتفاهم والحوار، لأنني أعتقد أنه من الصعب جدا الحوار الهادف مع جماعات تجاهر بشعار إسقاط النظام سواء عن إرادة مسبقة أو عن تسرع واندفاع غير محسوبين.
أؤمن شخصيا بأن الغالبية العظمى من المتظاهرين في جماعات الحراك الشعبي هم من الشبان المتعلمين أصحاب التوجهات التي تتناسب تماما مع الإصلاح السياسي الذي يخدم الدولة ولكنهم يحملون فكرا أكثر "جرأة" من الذي حملناه في جيلنا والأجيال السابقة. هؤلاء طاقة ايجابية للتغيير ولكنهم أحيانا يقعون ضحية للمتسلقين الانتهازيين من بعض السياسيين والإعلاميين الباحثين عن الشهرة والشعبية، وبعض "متفرغي التظاهر" الذين يتواجدون في كل مسيرة ومظاهرة وطوال أيام الأسبوع وكأنه لا يوجد في حياتهم اية مسؤولية أخرى، أو فئات متمردة على القانون ولها مشاكل مع السلطة وتحاول استغلال المظاهرات السياسية لتفريغ غضبها. هذه هي في العادة المصادر التي تثير المشاكل في الحراك الشعبي ولهذا من الضروري على العقلاء والمتنورين في الحراك أن ينتبهوا لهذا الأمر ويقوموا بتحديد مطالبهم السياسية بحيث لا يتم اختراقها والمزاودة عليها من قبل المتسلقين والباحثين عن المطالب.
بعيدا عن التنظير لا بد من خطوات حسن نية. ربما تبدأ الدولة بإخلاء سبيل المعتقلين في المظاهرات الماضية وإيقاف التحقيق معهم فهم في النهاية شبابنا، وفتح حوار منظم مع الحراك الشعبي بشرط أن يقوم الحراك ايضا بتحديد مطالبه وأهدافه بشكل واضح وينقي نفسه من المتسلقين والمزاودين. المسؤولية في التهدئة تقع على الطرفين وليس واحدا فقط.
batirw@yahoo.com
الدستور