من فرنسا انطلق الاحتفال بيوم الكذب في الأول من نيسان, ورغم استناده على تراث إنساني يُمجد "الخديعة", على طريقته في ثقافات عدة, لكنه انتشر عالمياً بوصفه تقليداً أوروبياً في القرن التاسع عشر.
تقليد اعتمد بعد تبني الفرنسيين التقويم المعدل, الذي وضعه شارل التاسع عام ,1564 وحتى ذلك التاريخ كان العام يبدأ في 21 آذار, وتتواصل الاحتفالات برأس السنة لغاية 1 نيسان.
غير أنه ليس للغرب "أفضلية" في اختراع الكذب, فالهنود عرفوا عيد "هولي", في 31 آذار, من كل عام, حيث يختلق الناس قصصاً ومواقف لمجرد اللهو, ولا يُكشف عن حقيقتها إلا مساء اليوم التالي.
"سيرة الكذب" تستدعي اختلافاً آخر بين من يكذب أكثر: الرجل أم المرأة?, وحينها يتهم الرجال النساء بعواطفهن وضعفهن كونها سبب كذبهن المستمر, وتُردّ التهمة بسلطوية ذكورية تحاول فرض الحقائق التي تريدها.
روايات متعددة لا تلغي "اضطرار" الإنسان إلى الكذب - التبرير الأزلي - ولا ينفي احتمال أن يُصدق المرء أكاذبيه.
"تصديق" تشير إليه حوادث كثيرة, ومنها خبر أذاعته محطة BBC, في عام ,1988 أن جاذبية الأرض ستخف بتأثير من كوكب المشتري, ومن يقفز في لحظة بعينها سيطير في الهواء لثوانٍ, وقد اتصل بعضهم بالمحطة مؤكدين أن ذلك قد حصل معهم فعلاً.
وربما بدا الكذب "نسبياً" في التاريخ, الذي يُبقي الجدل مفتوحاً حول زعماء وأحداث مصيرية, لتنسج روايات عدة تُكذب بعضها بعضاً, وتظل الحقيقة "غائمة", والاصطفافات حولها تخضع لحسابات الربح والخسارة.
"حسابات" لا يمكنها تكذيب وقائع حصلت في الأول من نيسان, مثل اعتقال الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش عام ,2001 أو ولادة عالم النفس الأمريكي الشهير ماسلو صاحب نظرية "هرم الاحتياجات" في اليوم نفسه.
ورغم أولوية تأمين الطعام والماء وتجنب الألم والأمان, إلاّ أن الحاجة إلى المعرفة استحوذت على اهتمام ماسلو, فهي تبدأ باكتشاف الحاجات الأولية, وتنتهي بسؤال الوجود.
"معرفة" لا تحجب الرغبة بـ "كذبة عابرة" ليوم واحد, لعلّها تنسينا خديعة متواصلة تمارس من أجل هيمنة احتكار السلطة وتغول الرأسمالية العالمية.
mahmoud1st@hotmail.com
العرب اليوم