الإسلاميون يحصدون الجائزة الكبرى
باتر محمد وردم
01-04-2012 04:29 AM
حصد التيار الإسلامي في الأردن أول قطاف الإصلاح السياسي وربما أكثره أهمية من الناحية الإستراتيجية. نقابة المعلمين والتي كانت حلما لكافة معلمي الأردن وتحققت بفعل نضال آلاف المعلمين الذين وضعوا حياتهم المهنية على المحك أصبحت أهم مؤسسة نقابية وسياسية في الأردن تحت سيطرة التيار الإسلامي في مرحلة الإصلاح والتغيير الديمقراطي. في هذا السياق لا بد من تهنئة كافة المعلمين على تحقيق الهدف الاستراتيجي للنقابة ووصول حوالي 100 ألف معلم إلى حالة من العدالة التي تسمح لهم بكيان نقابي يحقق مصالحهم.
سوف نحتاج إلى الكثير من التحليل العميق لمعرفة الأسباب الجذرية وراء انتصار الإسلاميين الكبير بالرغم أنهم لم يكونوا قادة التغيير الميداني في الأشهر الماضية، ولكنهم بالتأكيد كانوا وما زالوا وسيبقون التيار السياسي الأكثر تنظيما والتزاما في الأردن بغياب التيارات المنافسة. ما حدث في نقابة المعلمين قد يكون بروفة للانتخابات النيابية خاصة في حال تم استخدام قانون انتخاب يعطي الفرص الأكبر لمن يحصل على الأغلبية الطفيفة، وفي حال استمرار التشتت السياسي والتنظيمي للتيارات الوطنية التقليدية والمستجدة، مع التآكل التام للتيار القومي-اليساري الذي وضع نفسه في صف الدفاع عن جرائم النظام السوري.
يجب على الكاتب أن يكون صادقا مع القراء، خاصة في عصر الشفافية هذا. لا أستطيع ابدا أن أدعي الحياد في نتائج انتخابات نقابة المعلمين لأنني اشعر بالقلق الشديد منها. لا توجد لدي مشكلة مع الخطاب والنشاط السياسي للإخوان المسلمين ولكنني أخشى بالفعل استخدام النقابة أداة للضغط السياسي على الدولة من جهة، أو لفرض التوجهات الاجتماعية والثقافية التي يؤمن بها الإسلاميون على مجمل العملية التعليمية، وفي الحالتين سيكون الطلبة هم من يدفع الثمن.
من الصعب استباق الأحداث، ولكن التعبير عن مظاهر التأييد والارتياح لكون الانتخابات جرت في مناخ نزيه وبلا تدخل رسمي لا يكفي لإبقاء الابتسامة على شفاهنا لأن مشاعر القلق ليست هينة ولا هي مفتعلة. الآن نحن نمر في تجربة جديدة كليا لأن أهم وأخطر نقابة في الأردن باتت الآن بإيدي الإسلاميين في أول تجربة من نوعها قد تحمل الكثير من المفاجآت والتطورات غير السارة. لا نعرف إلى اي مدى ستكون روح المسؤولية حاضرة في قيادة النقابة لتجنيب الطلبة أن يكونوا وقودا في صراع سياسي بدأ يتفاعل أو في خطة لفرض قناعات عقائدية وفكرية محددة على النظام التعليمي.
نقابة المعلمين أهم من تشكيل الحكومة بالنسبة للإسلاميين. في حال شكلوا الحكومة سيكون كل وزير إسلامي في حالة مواجهة مع الجسم البيروقراطي العنيد في الدولة، حتى في حال حظي الوزراء الجدد بدعم الحزب أو بعض الموظفين الراغبين في مكاسب أو المقتنعين بمزايا الوزراء الجدد، كما أن إدارة الحكومة هي عملية مرهقة ومستنزفة للشعبية والسمعة وتكاد تجد صعوبة في السيطرة على الأزمات اليومية. ولكن في نقابة المعلمين هنالك عشرات الآلاف من القوى البشرية وهنالك ملايين الطلبة في طور التشكيل والذين تعتمد خيارات تعليمهم بشكل مباشر على المعلمين؛ ما يشكل الأرضية الخصبة لسيطرة الحزب السياسي “الحاكم” للنقابة!
تجربة نقابة المعلمين تحت سيطرة الاتجاه الإسلامي ستكون امتحانا حقيقيا لمدى القناعة بالتعددية وحرية التعبير والمسؤولية في وضع المصلحة العامة للنظام التعليمي والطلبة قبل المصلحة التنظيمية. سوف نراقب بقلق، ونتمنى أن تكون المخاوف مبالغا بها ولكن مسؤوليتنا الوطنية تتطلب قرع جرس الإنذار في كل مرة نشعر فيها بأن نقابة المعلمين سوف تستغل الطلبة في صراعات سياسية وعقائدية!
batirw@yahoo.com
الدستور