موالون ومعارضون * يوسف غيشان
يوسف غيشان
31-03-2012 05:00 AM
يقول المثل الشعبي العربي، الذي يتبدى بكلمات مختلفة من قطر لآخر – حسب اللهجة- ، يقول المثل، ما معناه، إن الذي يحمل حجرا كبيرا خلال الشجار لا يضرب به. وقد خطر في بالي هذا المثل وأنا أفكر بالشعارات الكبيرة التي نحملها ونثغو بها دوما وأبدا، ولم يعد يتعامل معها، في عصر التخصص ،سوى نحن العرب العاربة المستعربة المستغربة، وربما بعض الشعوب التي تمت لنا بصلة ما.
لم تتح لي الفرصة لزيارة دول العالم والإطلاع ميدانيا على أساليب الشعارات التي تطرحها الحركات والاعتصامات، لكني ،حسب معلوماتي العامة ، أجزم بأن الشعارات هناك تحمل طابعا مطلبيا واقعيا يمكن الانضواء تحته وتحقيقه. وهذه حقيقة ادركها الغرب ، تحديدا بعد فشل الشعارات الكبيرة التي طرحتها النازية ، وتم تأكيد هذه الحقيقة بعد فشل تحقيق الشعارت الكبيرة التي طرحتها الشيوعية السوفيتية.
بالمناسبة ، هذه ظاهرة عامة يمارسها الجميع بتواطؤ واضح من الجميع ، ولا ينتقد أحد منا الآخر، في هذا المجال رغم أننا نقاتل في خنادق متعاكسة في معركة الحياة ، ورغم أننا نستخدم أكثر الاساليب بشاعة ولا أخلاقية ضد بعض ، ويخون كل واحد منا الأخر ، ويتهمه في وطنيته وانتمائه وشرفه العام والخاص.
الموالون منا لأنظمة الحكم ، مهما كان نوعها ، ومن أقصى اليمين الى أدنى الشمال ،يخرجون دوما بتظاهرت تأييد صاخبة وانفعالية، وهم يصرخون: (بالروح والدم نفديك يا.....) ومكان النقاط هنا يقبع عادة اسم الزعيم العربي المناوب في تلك البلد، وفي حالات قليلة يقولون كلمة: (شهيد).
المشترك الوحيد بين جميع الموالين بلا استثناء ، هو أنك لن تجد أحدا منهم عندما يجد الجد، وتتطلب الأمور أن يفدوا الزعيم بأرواحهم ودمائهم،ولا أن يأخذوا بثأر الشهيد المدافع عن قضيتهم ، حتى لو كان الشهيد أبا أو أخا أو ابنا.
ولا شك أننا نتذكر ما حصل في العراق أولا، عندما دخلت دبابة أمريكية واحدة الى وسط بغداد، دون أن تجد من يتصدى لها ويفدي رئيسه ونظامه ودولته ، وهذا ما تكرر في تونس وليبيا، رغم الصراخ الذي كانت لتلهج به الحناجر قبل ساعات من السقوط، وهذا ما سوف يتكرر في أي بلد عربي بكل بساطة .
أما المعارضون للأنظمة، فيرفعون شعارات كبرى، غالبا ما لا تتناسب مع طبيعة المرحلة، ولا مع حاجات الجماهير ومطالبها اليومية ،وهذه حالة استمرت معنا منذ فترة مواجهة الهيمنة الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أوسعنا الدول الإمبريالية شتما ، بينما أودت هي بالأبل، وحصلت على ما تريد وأكثر، وتركتنا نثغو بالشعارات مثل ، شعار: (الفراغ في رأس ايزنهاور)، وشعار : (فليسقط وعد بلفور) وفيما بعد ، (فليسقط مشروع روجرز)..وغيرها من الشعارات التي تجرحت حناجرنا، ولم يسقط...سوى نحن!!
وهذه الحالة ..حالة الشعارات الكبرى ،نمارسها في السياسة والاقتصاد والعلاقات والحب وفي كل شيء.....لذلك نتعرقل بحجم شعاراتنا الكبير ولا نتمكن من العبور خلال بوابة هذا القرن الجديد.
نرفع شعار، من أجل بلد أخضر عام كذا، فيأتي العام، وإذا بالأراضي الصحراوية تزداد تصحرا ، لابل أن مساحتها تتوسع على حساب الأراضي الخضراء، لكننا لا ننسى أن نستمر في التفاخر بذات الشعار ، دون أن ننجز شيئا، لا بل دون ان نحافظ على المنجز السابق.
وهكذا نفعل في الخطط الثلاثية والخمسية والعشرية ، ونغرق في بحور من الأغاني المفرطة بالفخر ، وتنتهي الخطط، ونحن ما نزال نحمل حجارتنا الكبرى التي ننوء تحتها.
(الدستور)