على ذمة الزميل الخبير في الشؤون البرلمانية وليد حسني, فإن كل الاشتباكات التي وقعت بين الاعلام ومجالس النواب كانت على خلفية كشف الصحافة وتركيزها على الامتيازات التي يحصل عليها النواب, حتى وصلت في يوم من الايام إلى الاعتداء الجسدي المباشر على صحافي ومصور من قبل نواب في المجلس الرابع عشر.
في جلسة النواب الثلاثاء فلتت مصطلحات كثيرة عن سياق حرية الرأي, ووصلت الاتهامات إلى حد التجريح والتشويه, ولم يسلم اعضاء في المجلس نفسه, لقربهم من الاعلام, من هذه التهم, والتي ابسطها "المؤامرة" على مجلس النواب وكلمات نابية أخرى لا نذكرها احتراماً للذوق العام.
في المجالس التشريعية في العالم لا يجوز للمشرع أن يشرِّع القوانين لنفسه, وانما للمراحل المقبلة, لأن في هكذا تشريع يحدث "تضارب مصالح". صحيح أن هذا ليس منصوصا عليه في دستورنا واعرافنا, لكنه منصوص عليه في عديد الدول, وعلى الأقل في الدستور الامريكي.
قد يرى بعضهم انه من حق النواب الدفاع عن مصالحهم مساواة بنظرائهم المسؤولين في قطاعات الدولة المختلفة, وعلى أسس من العدالة تساوي بين الجميع, وهناك أسس وقوانين وأعراف تتيح خوض المعارك الديمقراطية مهما كانت طبيعتها بطرق موضوعية ونقاشات آمنة, لكن الذي لا يمكن احتماله, أن يهبط مستوى الاداء البرلماني تحت القبة إلى حد استخدام مصطلحات لا يمكن بحال من الاحوال أن يكون مكانها الطبيعي تحت قبة التشريع والرقابة, ولا حتى مقبولة ان تكون لغة للشارع.
لقد صدرت تصريحات من اعضاء في مجلس النواب, حول التهديد بفقدان النصاب اذا ما طرح قانون انتخاب يخالف رأي هؤلاء الاعضاء والأصل هو احترام المطالب الشعبية, والأسس الديمقراطية التي يقوم عليها أي برلمان, وتحديدا فيما يتعلق بحرية ابداء الرأي, ومبدأ الأغلبية والأقلية بعد النقاش الحر المفتوح والموضوعي.
ليس من المفيد لأحد ان تتجه القرارات في المجلس نحو تكريس امتيازات اعتبارية ومعنوية, كان يمكن تجاوزها والاستغناء عنها في مثل هذه الظروف السياسية الصعبة.
إن إقرار قانون جوازات السفر, ومنح المسؤولين في السلطتين التشريعية والتنفيذية جوازات دبلوماسية, اثناء القيام بالمهمة وبعدها, بكل تأكيد سوف يفتح النار على هكذا مجلس, والسؤال المباشر, اذا كانت هناك تبريرات لمنح الوزراء والنواب والاعيان جوازات سفر اثناء وجودهم على رأس عملهم, فلماذا يبقى هذا الامتياز بعد ان يغادر هؤلاء مواقعهم?.
نلعب في الوقت وكأنه في صالحنا, مع اننا في حالة تشويش في كل شيء, ونتعامل مع قضايا الوطن بالقطعة, مثل عمال المياومة, وهذا لا يمكن أن يوصلنا إلى بر الامان, ولا إلى مرحلة الشروع الفعلي في الاصلاح.
osama.rantesi@alarabalyawm.net
العرب اليوم