الاقتصاد الأردني ليس في منأى عن جرائم غسل الأموال، لكنه لم يسجل حتى الآن قضايا بأحجام كبيرة ربما السبب في ذلك هو أن حجم الإقتصاد صغير جدا ما يسهل ملاحظتها في أشكال الثراء السريع أو المفاجئ، وإما لأنها لم تحصل أو أنها حصلت ولم تكشف، لكن ذلك لا ينفي وجودها.
ساهم الانتقال القسري للأفراد بسبب الحرب في العراق في نقل سيولة كبيرة عبر الحدود كما ساهمت الفوضى التي أعقبت سقوط بغداد وإنهيار الجهاز المصرفي في صعوبة تحديد مصادر الأموال وصعوبة التمييز بين الأموال الشرعية العائدة لتجار وأثرياء قرروا الفرار بها أنذاك وبين تلك التي تحصل عليها أفراد بطرق غير شرعية، وإن كان كل ذلك قد رصد وحددت مصادره ووجهته، لكن ذلك لم يمنع من وجود بعض التجاوزات المحدودة بمعنى أن نقل الأموال عبر الحدود، لا يتم دون رقابة ومتابعة وحدة متخصصة في دائرة الجمارك، ورقابة البنك المركزي إن كان يتم عبر حوالات مصرفية عبر البنوك.
حتى في فترة تجميد وتعقب أموال يعتقد أن مسؤولين في عهد النظام السابق خلفوها وراءهم في مصارف حول العالم أو أموال غسلت أو أخفيت خلال الحظر، وجد في بعض المصارف الأردنية بضعة آلاف من الدولارات تعود لأسر شخصيتين من بينهما أسرة وزير الخارجية الأسبق طارق عزيز، حولت الى صندوق الأموال المجمدة في الأمم المتحدة، حتى أن جهودا كبيرة بذلت لدى رئيس وزراء سابق لإستثناء مبلغ لا يتجاوز بضعة آلاف لصالح أسرة عزيز، لم تنجح، ما دفع الى صرف المبلغ لأغراض إنسانية من حساب الرئيس الخاص.
اليوم تتكرر ذات الظروف، فالنزوح من سوريا يتزايد، والنازحون ليسوا كلهم من الشرائح الذين يطلبون رعاية ودعم المنظمات الإنسانية في الأردن أو في الأمم المتحدة، فثمة تجار وأثرياء هربوا بعائلاتهم وأموالهم، وهناك من يقول أن مسؤولين حكوميين سوريين ورجال أعمال مقربين من الحكم في سوريا يسعون الى نقل أموالهم الى ملاذات آمنة تحسبا من تغيرات مقبلة ما قد يستدعي تشكيل لجنة خاصة لإدارة ومتابعة ومراقبة مثل هذه العمليات المرتقبة بحيث لا يكون القرار بشأنها فرديا أو يخضع لإجتهاد يوقع صاحبه في شبهة.
الرأي