لا ندري الى متى يبقى المواطن تحت رحمة اصحاب بعض مصانع الالبان وهم يرفعون الاسعار بمناسبة او بدون مناسبة بعيدا عن اية رقابة رسمية في ظل رغبتهم الجامحة وشهيتهم المفتوحة على رفع الاسعار كلما لاحت لهم الفرصة، ودون اشعار احد بانهم سيقدمون على اتخاذ مثل هذه الخطوة الابتزازية ، فهم يفهمون سياسة السوق الحر على انها مجرد وسيلة لرفع الاسعار بقرارات شخصية ومزاجية منهم ، اذ يكفي ان يجتمعوا ويقرروا رفع الاسعار حسب مزاجهم واهوائهم . رغم ان الجميع يدرك بان هناك مبالغة كبيرة في تقدير كلفة الانتاج كما اشارت الى ذلك جمعية حماية المستهلك في اكثر من مناسبة لتصل الاسعار اضعاف هذه الكلفة . عدا عن فتح المجال امام هذا البعض للتلاعب بموصفات السلعة بطريقة تضمن تخفيض كلفتها بعد السماح باستخدام حليب البودرة المجفف في صناعة مشتقات الالبان .
ما يمكن وصفه او اعتباره وسيلة اخرى من وسائل التحايل وتضليل المستهلك ورفع الاسعار وتدمير الثروة الحيوانية والحاق الخسائر بالمزارعين وبمربي الابقار .
وبدورنا نتساءل .. ما الذي يجبر الحكومة على تحمل مسؤولية اشياء وقرارات لم تتخذها، وانما اتخذها البعض الجشع تحقيقا لمصالحه الخاصة في ظل الظروف والاوضاع المعيشية والاقتصادية والسياسية الصعبة التي تعيشها المنطقة. فاذا كانت الحكومة نفسها تتلاشى رفع اسعار اية سلعة او خدمة في الوقت الراهن مراعاة للظروف الاستثنائية التي يمر بها بلدنا ؟ فلماذا لا ينسحب هذا الامر على البعض الذي لا ينظر الا الى مصالحه ، حتى لو ادى ذلك الى تثوير الشارع ودفعه الى التظاهر والاحتجاج لمجرد ان هناك فئة تسعى الى الربح الفاحش دون اي اكتراث لعواقب ذلك على المصالح الوطنية . ولا اعتقد ان مصالح فئة قليلة اهم من مصالح اكثر من ستة ملايين مواطن . لذلك فان الحكومة مطالبة باستخدام نفوذها وصلاحياتها لردع هذه الفئة وذلك حفاظا على امن البلد على اعتبار ان التلاعب بقوت المواطن هو تلاعب بالامن الوطني . ومرة اخرى ما الذي يجبر الحكومة على تحمل المسؤولية والدخول في مواجهة مع الشارع على اشياء وتصرفات صادرة عن غيرها ، لان السياسات السعرية وكما هو متعارف عليه تقترن بالحكومات التي يفترض ان تكون بمنأى عن اقحام نفسها في قضايا فوائدها وايجابياتها لغيرها ومضارها وسلبياتها عليها . اذن لماذا تتحمل مسؤولية ذنب لم تقترفه ، دون ان تفكر بتحصين نفسها وتبرئة ساحتها من هذا الذنب من خلال تفعيل نص المادة ( 7 ) من قانون الصناعة والتجارة الذي يجيز لها التدخل لتحديد اسعار السلع الاساسية وضبطها حماية للمستهلك ؟.
واللافت ان هذا البعض قرر رفع اسعار مشتقات الالبان قبل ايام بحجة رفع تسعيرة فاتورة الكهرباء التي عادت الحكومة وتراجعت عنها ، الا ان هذه المصانع لم تتراجع وتخفض الاسعار ، ما يقتضي من الحكومة اجبارها على التراجع واعادة النظر بالاكلاف الحقيقة لمنتوجاتها ووضع التسعيرة المعقولة . وفي الوقت نفسه لا بد للمواطن ان يتفاعل مع الجهود التي تبذلها جمعية حماية المستهلك ويأخذ بتوصياتها التي طرحتها في اكثر من مرة واهمها استخدام سلاح المقاطعة لوضع حد لتصرفات هذه الفئة برفع الاسعار بصورة مزاجية .