[هذه الدعوة الفلاحية الشفيفة والتي أسأله سبحانه لها القبول ثم الاستجابة ، جاءت عفو الخاطر وأنا أتابع فقرات بعينها بثتها قناة رؤيا الأردنية ، ضمن حلقة من حلقات برنامج دنيا يا دنيا الذي يجمع بين الماتع والنافع في آن معاً ، وهي الفقرة التي شرفتنا بها هذه القناة بأخذنا مع كادر البرنامج في زيارة إلى لواء الرمثا الباسل ، إذ رحنا نجول مع الكادر وكاميراتهم وقد استبدلوا عدساتها بعدسات أعيننا في الأسواق والمحال التجارية ، حيث الحوانيت العريقة القديمة بباعتها الطيبين يعرضون ألواناً من التراث الأصيل ..
الدعوة ذاتها كررتها ثانية وأنا أشاهد أزياء الرمثانة القروية بألوانها الزاهية ، من سندس واستبرق لا بل هي تلاوين قزح على الصبايا المزيونات وأمهاتهن الأصيلات على حد سواء ، وأقف وجهاً لوجه أما ثوب (دق الماني) وهو بالمناسبة عنوان أغنية شعبية من التراث الفلكلوري الرمثاوي ، وهو ما عرفت اليوم فقط حكايته وهي باختصار أن الرمثاوية منذ الأربعينات حتى اليوم ، دأبوا على نقل تراثهم وبخاصة القماش الرمثاوي إلى ألمانيا حيث اغتربوا سعياً وراء الرزق ، وما زال الألمان حتى اليوم يفضلون الأزياء الرمثاوية إذ ما زالت هذه التجارة رائجة حتى اليوم ..
ثم وبنفس العفوية لهجت بها ثالثة ، وأنا أتنقل مع مراسلة القناة في أسواق المدينة وأحاديث أناسها الطيبين ، لندلف مع الكادر إلى أحد البيوتات العامرة حيث اللمة العائلية الدفيئة على المأدبة الشهية ، كي تبدأ عيناي رغم (ريقي الناشف) تذوق (الكعكيل) – مع فلحنة حرفي الكاف أي دغش الحكي فلاحياً !- و أكلة أذان الشايب أو الشوشبرك بالمدني (الخ) ، ثم الدبكة في صحن الدار بمشاركة الجنسين ولعلها الـ(حبل مودع) المشهورة في مناطق سهل حوران ، أما أغاني الدبيكة الشعبية فكان يصدح بكلماتها المطربان الرمثاويان رامي خالد وحسين السلمان (الخ) ..
نطقت بها رابعةً حين راحت تنداح أمامي مفاصل أخرى نشموية ، تمثلت بامتياز في مواقف أهل الرمثا السامقة الشأن السامية القيمة والمقام ، تجاه جيرانهم وأشقائهم أهل درعا المحاذية للرمثا ، وتجاه اللاجئين السوريين المستجيرين بهم بوجه عام ، وهي مواقف ينوبون فيها عن جميع الأردنيين من الرمثا حتى العقبة ، إذ فتح الأهلون الرماثنة القلوب قبل الأبواب أمام الأشقاء المنكوبين ، مواقف قومية عروبية وإنسانية يشاطرهم في تجلياتها النشموية الأهل الطيبون ، وبخاصة أماجد محافظتي المفرق ومعان العزيزتين وهو ما سنفرد له القلب قبل الورق في مقبل الأيام ، على أنه ومهما يكن من أمر هذا الوعد يبقى قميناً بالاعتراف وبمنتهى الصراحة ، اليقين بأن المسافة ستبقى تتعملق يوماً إثر يوم بين بهاءات الفعل وبين مكياج الكلام!
أقول ، خلوصاً ، بأنها مواقف تناغمت أمامي مشهدياتها الباسلة ، وقد اصطفت تباعاً ضمن سلسلة المروؤات الأردنية من (الفزعة) حتى (العونة) ، وأضف ما طاب من ذات المعجم الأردني العظيم من عزمات (الشومة) و (النوماس) ، وما شئت من شمائل عريقة يتميز بها الأردنيون دوناً عن غيرهم من الأشقاء العرب ، وإذا بقي لنا من كلمة وقبل أن نقول آمين على دعائنا مع الأشقاء السوريين للأردنيين وشامتهم الرماثنة ، فهي هنا تستوي وقفة حق في إهاب نقطة نظام في وجه الرويبضيين ، فبقليل من التواضع نقول وبلسانٍ أردني مبين و (فقط) إرضاء ، للذين يقفون دائماً على الجانب الرافض من المعادلة الوطنية ، من الذين قد لا يعجبهم أن يبقى الأردنيون في طليعة الأمتين مروءةً وإقداماً ، من الذين سينبرون تعليقاً والأدق نعيقاًَ بأن شهادتي آنفاً هي إما مغالاة أو تهويل ..
نقول ، ختاماُ ، لهؤلاء ومهما يكن من أمرهم الهبنقي بأن تعالوا نحتكم إلى الموضوعية ، كمرجعية ولعلها تستوي في حالتنا هذه (كفيل دفا) و (كفيل عفا) في آنٍ معاً ، بأن الأردنيين هم الأُلى الأشهر ورأس الرمح في سجل الشومات العربي ، وعليه فستبقى ألسنتنا تلهج مرددةً ذات الترديد ولا تمل تبدي وتعيد ، بأن (يا رب تسعد الرمثاوية) و .. على غيارى الأردنيين أطيب سلام .. ]ٍ
Abudalhoum_m@yahoo.com