لا يتوافر اتفاق أو توافق حول نص قانون الانتخاب المنوي إصداره، ومع ذلك فإن الصوت العالي يقرر سلفاً أن لا عودة للصوت الواحد ، ويوافق رئيس الحكومة خلافاً لما تدل عليه استطلاعات الرأي من أن الأغلبية الساحقة تفضل الصوت الواحد على غيره.
يجب الاعتراف بأن في العالم الديمقراطي المتقدم قوانين انتخاب مختلفة ، كلها منطقية وديمقراطية من وجهة نظر أصحابها ، فليس هناك نظام انتخابي أفضل بالمطلق من نظام آخر ، وليس هناك قانون جيد وآخر رديء ، فالجودة والرداءة نسبية وتتقرر في التطبيق ونزاهة الانتخابات.
هناك قانون جيد بالنسبة لحزب من الأحزاب لأنه يعطيه الفرصة للحصول على أكبر عدد من المقاعد ، وقانون سيء من وجهة نظر حزب آخر إذا كان يحرمه من الفوز بالمقدار المأمول ، أي أن القانون جيد لمن يخدم مصلحته ورديء لمن لا يخدم مصلحته.
نظام القائمة يخدم مصالح الإخوان المسلمين فيطالبون به ، وكذلك التمثيل النسبي ، ولا عجب فهم الحزب المنظم الوحيد الذي يستطيع أن يهزم الأحزاب الصغيرة الأخرى.
الحكومة الأردنية التي سنت قانون الصوت الواحد قبل عشرين عامأً كان هدفها الحيلولة دون حصول الإخوان المسلمين على حصة مبالغ فيها في المجلس. قانون الصوت الواحد رديء من وجهة نظر الإخوان ، وجيد من وجهة نظر من لا يريدون أن يكون المجلس النيابي تحت سيطرة الإخوان.
في حالة كهذه لا فائدة من الحوار ، لان المشاركين لا يبحثون في القانون من ناحية موضوعية ومدى منطقيته وديمقراطيته ، بل من حيث أنه يخدم أو لا يخدم مصالحهم. ومن الملفت للنظر أن الرئيس يجري حوارات مع جهة واحدة هي الجهة المتضررة من نظام الصوت الواحد. أما الأغلبية الساحقة من المواطنين التي تعايشت مع النظام الحالي وارتضت به فليس لها فرصة الحوار مع الرئيس.
بالتطبيق اتضح أن الصوت الواحد يعطي تمثيلاً أوسـع من نظام القائمة ، وعلى سبيل المثال فإن النواب الذين فازوا على نظام القائمة في 1989 نالوا 28% من الأصوات فقط ، أي أن القائمة أفرزت مجلس نواب يمثل ربع الناخبين ، فلماذا نعود إليه ، وأين هي الاحزاب الجاهزة لنظام التمثيل النسبي؟.