يجيب المسؤول المهم عن سؤال حول مدى قلقه على الوضع الاقتصادي، بأنه "أكثر من قلق". لكنه يستدرك في الوقت نفسه، ويؤكد أن الحال أفضل بكثير من فترة أواسط التسعينيات التي شغل فيها موقعا مهما أيضا آنذاك.
يقول المسؤول والوزير السابق إن الوضع النقدي أحسن بكثير مما كان عليه قبل نحو عقدين؛ ففي تلك الحقبة كان لدى البنك المركزي احتياطي أجنبي لا تتجاوز قيمته 35 مليون دولار، فيما اليوم تقفز عن مبلغ 9.7 مليار دولار، لا تشمل بنودا أخرى متاحا استخدامها في حالة الطوارئ لا قدر الله.
إذ ما يدعم الوضع النقدي يتمثل في مبلغ مليار دولار على شكل قروض من صندوق النقد الدولي، و800 مليون دينار تمثل قيمة الذهب لدى البنك المركزي، عدا عن الودائع الأجنبية لدى البنوك والمقدرة بحوالي ملياري دولار، بقيمة إجمالية للاحتياطي تصل نحو 13 مليار دولار.
ورغم حالة القلق التي تسكن الجميع، بمن فيهم المسؤولون أيضا، يبدو أن التعامل مع المرحلة قد يكون أسهل في ظل هذه المعطيات، شريطة أن تقدم الحكومة مبادرات حقيقية تساعد على تنشيط الاقتصاد، وتحديدا السوق المالية التي ينعكس أداؤها على مختلف القطاعات الاقتصادية.
الأنباء الصادرة عن البنوك تشي بوجود مبادرة قد تطلقها هذه البنوك خلال الفترة المقبلة، لإطلاق صندوق تمويل بقيمة 100 مليون دينار للاستثمار في السوق المالية، الأمر الذي يحتاج إلى دعم كبير من البنك المركزي لإنجاح هذه الخطوة، التي ربما تكون "طاقة الفرج" التي ينتظرها الجميع.
فمثل هذه المبادرة ستسهم في تحسين أداء البورصة، وتساعد بشكل أو بآخر على ضخ معنويات إيجابية في السوق، شريطة أن تتزامن هذه الخطوة مع بعض الإصلاحات التشريعية المرتبطة بالقطاع المالي، وتحديدا ما يتعلق بالإسراع في تعديل وإقرار قانون هيئة الأوراق المالية الذي أمضى سنوات حبيسا في أدراج الدوار الرابع.
ولربما يساعد التسريع في إقرار قانون صناديق الاستثمار المشتركة في بث روح جديدة في السوق المالية، بشكل يسهم في تحسن المزاج الاقتصادي ولو قليلا، من خلال تسهيل عمل المستثمرين، وفتح آفاق جديدة للاستثمار في المملكة التي ما تزال تتمتع ببيئة آمنة مستقرة، مقارنة بدول مجاورة.
فتحسين أداء السوق لن يتوقف عند حد القطاع المالي، بل سيولد نوعا من التفاؤل في الأوساط المحلية الاقتصادية وغيرها، ما سيساعد على لفت انتباه مجتمع الأعمال ورجال "البزنس"، عربا وأجانب، إلى الأردن من جديد كوجهة آمنة للاستثمار.
بعض الأمل بات حاجة ملحة في ظل عجز الحكومة عن تقديم رؤية جديدة لحلحلة الوضع الاقتصادي، لاسيما تراجع الأداء الاقتصادي، وتوقع ثبات معدلات النمو في أحسن الأحوال، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم.
أسئلة كثيرة تدور في عقول الناس، وتتكرر بشكل غير عادي، أبرزها إلى أين يتجه الاقتصاد، وما مصير الدينار؟ وكيف السبيل إلى الخروج من عنق الزجاجة، وتجاوز كل أو بعض التحديات التي تحيق بنا؟
الجواب سهل ممتنع! فمن يقول بالتأثير السلبي لمحاربة الفساد على الاستثمار مخطئ لا محالة، وتقوية مؤسسات الرقابة على المال ضرورة، ومحاسبة الفاسدين أساس حتى نجمع بين عوامل النجاح، وهي توفر الإرادة بالإصلاح والعمل بجدية وطرح المبادرات المجدية.
والدولة بمؤسساتها المختلفة هي القادرة على تخليص البلد من حالة التردد الاستثماري.
البلد بحاجة إلى مبادرات إيجابية على شاكلة "صندوق التمويل"، وهذه المبادرات بانتظار أن تخرج من القطاع الخاص قبل الحكومة.
الغد