لحظات من الفرح رسمتها المئة دينار
عمر شاهين
10-10-2007 03:00 AM
الفئة الكبرى من الشعب الأردني تعيش الآن على طريقة "الطايح رايح " وفي هذه الظروف يحتاج الأردني إلى واد سحيق ليسع ما يطيح من مصروف ،بعد الخروج من العطلة الصيفية والاستعداد للمدارس وتجهيز الأولاد بحيث يعمل لهم أفرهول كامل من الزي إلى مطرة الماء.
وما أن خلص الناس من هذه المهرجان المدرسي الذي قد يعد كارثي للبعض من الموظفين والعمال ، ليأتي بعده موسم الجامعات التي لم يعد فيها يفرق الحكومي عن الخاص فالرسوم باتت متساوية وتدريس طالب جامعي يحتاج إلى ميزانية بناء بيت وليس ورقة بكالوريس.
وليكمل الفصل مع قدوم الشهر المبارك الذي احتفى به التجار وهم يرفعون الأسعار التي تبدأ من زر الباندورة إلى كل ما يخص المواطن ، فشيئان يتضاعفان دوماً في رمضان وهما الحسنات والأسعار ، الأولى إكراما من الله سبحانه وتعالى والثانية طمعا في هذا المواطن الغلبان .
مطالب كثيرة تداهم المواطن في هذا الشهر، تبدأ من الاستعداد لوجبة الإفطار التي تختلف عن الأيام العادية، فالبطن المحروم من الطعام لمدة اثنا عشر ساعة يحتاج لوجبة غذائية، متكاملة ، و حلويات، وفواكه ، وزيارة أرحام وولائم لبعض الأصدقاء .
أي لا ينكر أحدنا أن الطبقة المتوسطة أو المحطمة ماديا وصلت إلى العيد منهكة ، لتواجه إعصار العيد من الملابس إلى الحلويات وحتى عيديات الأرحام .
مما جعل البعض ينوي عدم الخروج يوم العيد من البيت ، لأن العيدية بجيب فارغة ،كارثة بمعنى الكلمة ومحرجة ، وهذا صعب على رحم تنتظر زيارة أقاربها للتباهى أمام زوجها، أو تشعر بنكهة العيد وقد تخللت جيبها ، علها تتمكن من شراء شيء حرمت منه.
وقد يزداد الفقر سوءاً عندما يحرم طفل من ارتداء ثياب جديدة يوم العيد ،لأن والده طفران ، وليجلس متحسرا مرتديا بدلة الرياضة الزرقاء ،فكلنا يدرك معنى تمزيق كيس الملابس يوم العيد، ، طبعا هذه الأيام صار من الصعب جدا أن تجد من يداينك حتى ولو قروش قليلة فالكل بحاجة كل دينار .
تدخل جلالة الملك في أول الشهر المبارك فاختصر الطريق على المواطن ، عبر الأسواق الشعبية والتي بينت أن المواطن والمزارع كلاهما ضحية التاجر ، ولهذا كان هدف جلالته أن يأكل مئات المواطنين بل الآلاف بدل أن يحرموا من أجل جيب تاجر واحد.
بعد كل هذا لم يكن المواطن ذا الدخل المحدود قادراً على تحمل كل هذه النفقات ، فما في جيبه لا يكفي للتسوق لا من المولات ولا من الأسواق الشعبية، فجاءت مكرمة المئة دينار التي مسحت دموع كثيرة وأنقذت مواقف كان من الممكن أن تحرم أخت أو أم من زيارة أخيها .
أنا لم أستفد من المئة دينار لأني لست موظفا حكوميا ولكني فرحت بها وأنا شاهد يوم الأحد الماضي رجل يقبض بيد ابنته ليصطحبها بعد صلاة التراويح ، ويشتري لها فستانا لم يكن قبل المئة دينار قادر على شراءه ، وآخر يدعوا أخواته لتناول الإفطار عنده بعد ثبوت رؤية المائة دينار، أو رجل يصرف المئة دينار خمسات جديدة حتى يعيد بها أخواته ، منظر تكرر كثيرا أمامي ،سيما بعدما صرفت الشركات والضمان هذا المبلغ .
بارك الله في جلالة الملك ومن اتبع سنته الحسنة تلك وشكرا لكل من مسح دمعة طفل أو أخت عبر مائدة دينار وكل عام والشعب الأردني بخير وأبعد الله عنا وعن أطفالنا ونساءنا الجوع والحرمان .
Omar_shaheen78@yahoo.com