الجسر العربي .. ما تبقى من عمل عربي مشترك!
سلطان الحطاب
19-03-2012 03:48 AM
ما زال جسراً موصلاً..إنه خلاصة لعمل عربي مشترك جرت اقامته حين كان ربيع العمل العربي المشترك خصباً..وحين جفت عروق ذلك العمل لم يبق الا القليل الشاهد من مؤسساته فكان الجسر العربي للملاحة والذي توفرت لاستمراريته ارادة ثلاث دول عربية هي الأردن ومصر والعراق..
فلقد أدركت هذه البلدان أهمية التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن طريق تعزيز التبادل التجاري بين المشرق والمغرب العربي والذي يصل حجمه الى (2) مليار دولار سنوياً..
الجسر العربي الان هو أكبر ناشط اقتصادي في كل من ميناء العقبة الاردني ونويبع المصري يقود منظومة النقل البحري بوسائل حديثة ومستويات راقية لنقل المسافرين والحفاظ على سلامتهم..
لقد انتقل الجسر العربي كما وصفه وزير النقل المصري جلال السعيد أمس الى مرحلة النقل السياحي المتميز والمسافرين وكنت استمعت لوزير النقل العراقي هادي العامري على هامش انعقاد الهيئة العامة للجسر في عمان أمس الاول في تقييم التجربة الاردنية في العلاقات البينية حين قال تعلمنا من الأردن كيف تقوم علاقات متزنة مع دول الجوار وقدرنا موقفه وخطوته من القرارات التي دعت الى محاصرة سوريا ورأيناه كيف يتصرف بوعي ومصلحة وطنية وقومية..
ورغم الظروف الصعبة التي استمعت الى حديث عنها في مداخلة المدير العام لشركة الجسر العربي الكابتن حسين الصعوب وهو يتحدث أمام الوزراء الثلاثة العرب عن بيئة الاعمال في العام 2011 حيث بلغت خسائر الدول العربية التي عصف فيها الربيع العربي من السياحة والسفر ما وصل الى (45) مليار دولار وحيث تراجع عدد السياح بواقع 7.5% مليون سائح وقد أصاب ذلك تونس ومصر وليبيا وسوريا وبشكل غير مباشر الأردن ولبنان..وكانت الاصابة واضحة في قطاع النقل وخاصة النقل البحري وقد سرد المدير في الايجاز الذي قدمه امام المؤتمرين أرقاماً من خسائر مصر للطيران وصلت الى (300) مليون دولار وانخفاض أرباح الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري بنسبة 31% عن عام 2011 مقارنة مع عام 2010 في هذه البيئة الصعبة من الاعمال عمل الجسر العربي واستطاع أن يحافظ على صيرورة عمله وأن يطور واقعه وخططه المستقبلية فكان الجسر بين الشركات الاكثر ربحية عام 2011 وقد نجا بأكثر من (10) مليون دولار أي بزيادة 14% عما سبق..
لم يتوقف النمو كما لاحظنا في النقاشات التي أدارها الاجتماع بل جرى تعزيز بنية الجسر باضافات الباخرة عمان والقارب السياحي (بابل) مما ساهم في نقل أكثر من (42) ألف سائح خلال (6) أشهر في الحصاد الذي قدمته ورقة المدير العام للوزراء العرب فقد بلغت الارباح المتحققة منذ تأسيس الجسر العربي (233) مليون دولار تحقق أكثرها (160) مليون خلال الفترة من 2004 حتى 2011 وهذا الحصاد مكن ادارة الجسر من زيادة رأس المال الى (81) مليون دولار وهذا ما يدفع الى زيادة قدرة الجسر على تمويل استثماراته المستقبلية..
وفي طموحات الجسر ونتاج نجاحاته فإنه يتطلع لخدمة أوسع للسوق السوري واللبناني ولنشاط نقل سياحي وبضائع على خط دبي-البصرة وهذا ما جرى بحثه والاستعداد لانفاذه..
وزير النقل الاردني علاء البطاينة كان امس الأول فخوراً بما أنجز الجسر العربي وهو يتحدث للوزيرين العراقي والمصري ويصف المتابعات والجهود الحثيثة لبقاء الجسر واصلاً وفلسفة قيامه تعبر عن نفسها وتقدم مثالاًُ لعمل عربي مشترك تتطلع شعوبنا العربية للمزيد منه في خدمة حياتها وتواصلها..
الجسر العربي كما في الاجابات المقدمة في الهيئة العمومية يواجه تحديات ارتفاع اسعار الوقود والمشتقات النفطية وتنعكس عليه تطورات الاوضاع السياسية والاجتماعية الاقليمية وتأثيرها على حركة النقل البحري في المنطقة وأكثرها تأثيرات سلبية وهو يجهد للارتقاء بمستوى الدعم اللوجستي في ميناء العقبة ونويبع لتحسين الخدمات ليظل منافساً وفي المقدمة بين الشركات العاملة في البحر الأحمر ومواجهة تأثير تنفيذ مشروع الجسر البري بين مصر والسعودية وهو مشروع يحمل الكثير من التغيرات والتحديات للجسر العربي في نقل المصريين الى المملكة العربية السعودية..
يبقى وأمام اختلال الاوضاع الامنية في المنطقة كلها الامساك بالمستوى الامني في الحفاظ على سلامة حركة النقل هذه بين الاردن ومصر بتعزيز البنية الامنية في نشاط الجسر والتأكد من سلامة كل رحلة بعمل وقائي حتى لا يصيب هذا الشريان الهام اي ضرر أو عطل او توقف أو ما يستهدف حياة الركاب وهي دعوة للسلطات في البلدين الاردن ومصر فالجسر تجربة للقطاع العام في بلدان ثلاثة ولا بد لها ان تبقى نموذجاً على النجاح..
alhattabsultan@gmail.com
الراي.