حسب ما سمعنا، فإن التحرك الذي يقوده المهندس عبدالهادي المجالي لتجميع تيار الوسط لم يأت من فراغ، فهناك ضوء أخضر للمشروع الجديد.الحديث الآن لا يدور عن حزب على غرار تجربة الحزب الوطني الدستوري، بالاندماج في حزب واحد، بل عن تيار أو ائتلاف عريض، مكوّن من احزاب وشخصيات ونواب. ويفترض أن تتلاقى هذه الخطوة مع قانون الاحزاب الجديد، والقانون الآخر المتوقع للانتخابات النيابية، بحيث ينشأ ائتلاف وسطي عريض يخوض الانتخابات، ويشكل الأغلبية البرلمانية القادمة. ولكي تأخذ هذه العملية وقتها، يفترض تأجيل الانتخابات النيابية لمدة عام.
لم نعرف ما اذا كان التمديد للمجلس الحالي وتأجيل الانتخابات هي وجهة نظر من المجالي، أم ان هناك ايضا تفاهما (ولو مبدئيا) على هذه الخطوة؟ لكن في الاجتماع، وفي التعليقات، ظهرت تخوفات أن الهدف الفعلي هو فقط تسويغ التمديد وتأجيل الانتخابات.
سيكون ذلك غير معقول ابدا؛ فقد استخدمت هذه الحجّة في تأجيل انتخابات العام 2001، ولا نتخيل ان يتم الاستهتار بالرأي العام إلى هذا الحدّ. واذا تأجلت الانتخابات فعلا، فيجب ان يقترن الأمر بخطوات وبرنامج ملموس ومعلن للإصلاح السياسي.
نحن لا نشك بجديّة المهندس المجالي، فهو كان منحازا على الدوام لمشروع بناء حزب الأغلبية الوسطي، وعمل فعليا من أجله (تجربة الحزب الوطني الدستوري)، لكن التجربة فشلت لسببين: أولا، أن الارادة السياسية لم تحسم في حينه لصالح تطوير النظام السياسي الديمقراطي، بل لصالح بقاء القديم على قدمه، فاستشعرت الأقطاب هذه الحقيقة وبدأت تتخلّى عن المشروع. والسبب الثاني أن هذه الفعاليات، مثل بقية مكونات الساحة المحلية، تتسم بالروح الفردية، وتفتقر الى التجربة السياسية الملائمة، والالتزام الجدّي بمشروع سياسي وطني.
لن ينجح هذا المشروع ولا غيره اذا لم تتوفر ارادة سياسية عليا للتنمية والإصلاح السياسي. فهناك حراك جديد ورغبة في تجاوز الحالة البائسة الراهنة، إذ ينفرد التيار الاسلامي بالساحة، وتغيب الأطر الضرورية للمشاركة السياسية لبقية المجتمع.
هناك فعاليات تتحرك وتعقد لقاءات وتقترح التجمع في تيارات تمثل الألوان السياسية المتقاربة، وتضم أيضا النواب الحاليين والمرشحين المحتملين للانتخابات القادمة، لكن سينتهي كل شيء بلا نتيجة اذا لم تتوفر الآليات والقنوات الملائمة لتأطير هذا الجهد.
الأفكار والمقترحات موجودة، والطريق باتت معلومة، وبقي أن نرى -حالما تنتهي الدورة البرلمانية الحالية- ما اذا كانت الارادة السياسية متوفرة.
jamil.nimri@alghad.jo