(Pnac) مصطلح بات معروفا في الخطاب السياسي في الغرب, حيث تلخص حروفه جملة "نحو عصر امريكي جديد" وهو ليس مصطلحا نظريا انما يشكل ستراتيجية محددة واضحة للانتلجنسيا وللادارة الامريكية بدأ الحديث عنها يخرج الى العلن منذ عام ,2007 عندما قدَّم الجنرال ويسلي كلارك عرضا مفصلا لها امام نادي الكومنولث في كاليفورنيا, وكشف النقاب عن وثيقة سرية من وثائق وزارة الدفاع الامريكية تعود الى العام ,2001 تقول ان الوزارة تعمل على اعادة تشكيل الشرق الاوسط وشمال افريقيا, بدءا من تنظيم حملات تؤدي الى ضعضعة الاستقرار في دوله الكبرى (تعددها الوثيقة وتقول ان البدء يجب ان يكون بالعراق) عبر اثارة مكونات كل منها بعضها ضد البعض الاخر, وعدم السماح بوصول هذه البلبلة الى حل سلمي يعيد الاستقرار.
واقع الامر ان هذه الاستراتيجية ليست الا ترجمة تفصيلية لنظرية الفوضى الخلاقة التي باتت تعم الان - بنسب متفاوتة -اكثر من نصف العالم العربي (العراق, السودان, مصر, ليبيا, تونس, سورية, البحرين ولبنان) وميزتها المشتركة ان الوصول الى حل نهائي ممنوع, كي يبقى البلد مستعص على الموت مستعصيا على الحياة, في عملية استنزاف مستمرة. ضمانتها الحساسيات الطائفية والمذهبية والعرقية والاثنية. هذا في الظاهر, في حين ان ثمة تحالفات اخرى عابرة لكل هذا تقوم على الارض عندما يكون قيامها ضروريا لاستمرار الصراع. او عندما يتوفر الوعي بالمخطط وضرورة التصدي له.
* هل يعني ذلك اتهاما للثورات العربية?
- لا, انما يعني رؤية موضوعية لعملية الالتفاف عليها لمنعها من النجاح, ومنعها من الفشل, والابقاء على حالة الصراع المدمر بين "مكونات" كل من مجتمعاتها
فالثورات بدأها مخلصون او منتفضون على القمع والفساد والاقصاء, لكن مشكلتها انها كانت تصدر عن ردة فعل اكثر منها عن وعي ثوري استراتيجي ولذلك استطاعت قوى اخرى ان تتلقفها, قوى اخرى كانت كامنة في العتمة, ولديها هدفها الواضح واستراتيجيتها الواضحة التي تؤطرها استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية التي تخوض حرب بقاء امبراطوريتها على مستوى العالم, انطلاقا من منطقة الشرق الاوسط, استراتيجية لا تختلف خطوطها العريضة, بين دولة عربية واخرى, سواء من تعرض للاحتلال, كما العراق, او للاجتياح الاطلسي (كما ليبيا) او للحراك الداخلي (كما الدول الاخرى) ولننظر الى الواقع, الى تراتبية الاهداف, رغم تعدد الوسائل: بدءا من العراق: تدمير الدولة, احلال هيكل دولة هش وهمي مكان الاول, اذكاء الصراعات الفئوية من كل نوع وترك نارها تأكل بعضها بعضا, بل وتغذية اشتعالها لضمان استمراره استمرارا تؤمنه ايضا طبيعة البدائل التي تحل فسادا جديدا مكان فساد قديم, واستبدادا جديدا مكان الاستبداد القديم واقصاء جديدا مكان الاقصاء القديم ... اما المتغير الاكيد فهو القضاء على السيادة والوحدة الوطنيتين.
.... حتى اذا تحطم السور وعدنا الى ما قبل المجتمع وما قبل الدولة فيما يؤمن استمرار الحريق تم الانتقال الى دولة اخرى, للغرض نفسه.
العرب اليوم