راهن الخطاب الإخواني وأسئلة المقاطعة السياسية
ممدوح ابودلهوم
17-03-2012 03:16 AM
جملة ملاحظات يجب التأشير عليها والوقوف عندها طويلاً ، لما لها من مسيس العلاقة بطارئ ما يجري منذ قرابة الشهرين على الحراك الاخواني ، من مواقف تشي بنية المقاطعة للانتخابات النيابية القادمة – والتي نأمل أن تسبق البلدية لمسوغات إجرائية ليس غير ، ما خبره وبالمحصلة هو سيناريو المقاطعة بالمجمل لقادم الإصلاح الشامل في البلاد ، بمعنى أننا سنكون وجهاً لوجه أمام حالة قد بلونا وبالمناسبة عقابيلها العصية في الماضي ، وها أولى حلقاتها راحت تأخذ شكل القطيعة حزبياً وسياسياً لا بالطبع شعبوياً – حتى الآن .. على الأقل .
قطيعة أجل وعلى مسارين الأول بين جبهة العمل وبمباركة من محضنها الرئيس الأخوان المسلمين ، وبين الحكومة الأردنية من جهة برفض الجماعة في شخص أمين عام ذراعها السياسية أي حزب جبهة العمل الإسلامي ، دعوات الحكومة الموصولة للحوار بهدف تبادل وجهات النظر ، بغية خلق مناخات توافقية وإيجاد صيغ من التفاهمات بين الطرفين ، وبذات الحدية رفضوا أيضاً عضوية لجنة الحوار الوطني وكذا دعوات مجلس الأمة لذات الغاية آنفاً ، لا بل وأبعد من ذلك أنهم وضعوا أصابعهم في آذانهم إزاء الدعوات المفتوحة لمؤسسة العرش السامي ، حين تغيبوا غير مرة عن الجلوس على طاولة جلالة الملك للمشاركة في حوارات الإصلاح ، ناهيك بالاعتذار عن عرض جلالته السامي في عضوية لجنة الإشراف على الانتخابات مثالاً لا حصراً ..
من جهة أخرى وبالمجمل القطيعة بين الجماعة وحزبها الموقرين وبين مفاصل الدولة الأردنية ، وهذه المرة يمثلها وفي الطليعة منها الأحزاب الأخرى بما فيها تنسيقية المعارضة ، ما نموذجه دعوة حزب الإتحاد الوطني الأخيرة الشهر الماضي ولجميع الأحزاب السياسية فضلاً عن تلاوين الطيف كافة ، بغرض القيام بعصف ذهني من شأنه وبحسب الأمين العام محمد ارسلان تأطير خطاب توافقي ، حول مجمل روافع الإصلاح السياسي وبخاصة قانون الانتخاب وغيره من القوانين والمقترحات السياسية والدستورية ، أما هذا اللقاء و الذي وصفه المراقبون بالشبه إيجابي لغياب العنصر الإسلامي الأكثر تأثيرا على الساحة الحزبية ، فقد حضره عشرون حزبا أردنيا يمثلون أطياف المعادلة السياسية الثلاثة اليمين والوسط واليسار ..
سؤال المليون هو لماذا هذه القطيعة وتوأمها المقاطعة ؟ ماذا وراء هذا الصمت الحرون وهذه العزلة المفخخة؟ هل من بين الأسباب انشغالهم مؤخراً بانتخابات الحزب وشورى الجماعة؟ هل يملكون بتاريخهم العريق (منذ الأربعينات) ودورهم العريض (الحزب الأكبر عدداً والأكثر تنظيماً) ترف المقاطعة أو العزلة أو الحياد ولو مرحلياً إلى أجل محسوب؟ أم أن المسوغ الرئيس هو لأن مقولة الحزب / الجماعة هم (النقش الأكبر على السجادة الحزبية) هي ما زالت قائمة وسارية المفعول ؟
الأبواب مشرعة لذلك فالأسئلة تلد الأسئلة ونحن هنا ما زلنا نقرأ في كتاب الجماعة وحزبها المحترمين ، ففي باب المقاطعة تدليلا لا حصرا نواجه سيلا عرماً من الأسئلة المفتوحة على غير إضافة وأكثر من إحالة ، وعليه فلا منجاة لنا من غرق بدا محدقا إلا بتثوير أسئلة جمعية ضاربة ، نأمل أن تبقى استفهامية استنكارية في المضمون لا في الشكل كي تجيب على الأسئلة آنفا (!) ما حجر رحاه يتمثل فيما نحسب بالسؤال التالي : ماذا عن هذه الاحتشادات السياسية الشعبية العفية والواعدة ، لحزبين كبيرين مؤتلفين كما ومختلفين كيفا – بانتظار الائتلاف الطبيعي في الحالتين ، لتناغم كيمياء أدبياتهما السياسية الوسطية الإعراب بالمحصلة – هما الإتحاد الوطني والتيار الوطني ؟ ثم وبذات التقييم / المقاربة ماذا عن الأحزاب اليسارية والوسطية والحراكات الشعبية الناشطة في الشارع الأردني ، والتي تلقى ترحيبا وتأييدا ضاربين من جماهير المواطنين ، ما سيقوم في القريب الوشيك (فمن يدري) على إنتاج تكَتُّلٍ حزبي يفوق عددا حزب جبهة العمل الإسلامي ؟!
أسئلةٌ ولعل الأدق تساؤلاتٌ هي ليست بالقطع برسم الهواء الطلق ، إذ لابد من الإجابة عليها وبخاصة أننا (جميعا) في الدولة الأردنية ، نعد العدة لاستقبال ربيع ساخن يتبعه صيف أكثر سخونة برلمانيا وبلديا وحزبيا ، وبكلمة مبتسرة نحن وبحق على موعد مع الإصلاح السياسي الشامل المأمول ، ما سيكون لنا مع مقامه الجدلي السامق غير وقفة في حديث قادم ...
Abudalhoum_ss@yahoo.com