قانون الانتخابات النيابية جاهز باستثناء صفحة النظام الانتخابي فما تزال بيضاء تنتظر أن ينزل على الحكومة إلهام بالصيغة–المعجزة التي تملأ الفراغ، وقد بدأ الوقت يضيق.
رئيس الوزراء، وفق ما سمعنا منه تكرارا وأيضا مباشرة قبل أيام، يميل إلى "نظام 89"، لكنه لا يتمترس عند هذا حسب قوله، ويرى أن يكون للمواطن كحد أعلى ثلاثة أصوات. لكن إذا أخذنا بعين الاعتبار أن توسيع الدوائر لن يكون كبيرا فيقتصر على ضم الدوائر الفردية المتقاربة ليصبح معدل عدد مقاعد الدائرة 3 مقاعد، يكون النظام بالنتيجة هو نفسه "نظام 89"؛ أي عدد أصوات للمواطن بعدد مقاعد الدائرة، وهو النظام الذي نعرف أنه يعطي لأقلية منظمة ومتماسكة من الأصوات أغلبية ساحقة من المقاعد في ظلّ الواقع الأردني للمنافسة الذي يتسم بالفردية والتفتت العشائري. وفي الأردن، فهذه الأقلية التي تتراوح بين 15 % إلى 30 % تمثلها الآن جبهة العمل الإسلامي، التي هي نفسها لا تطلب هذا النظام وتفضل عليه بالإجماع مع القوى السياسية والحزبية الأخرى، التمثيل النسبي للقوائم الذي ينقل كل المجتمع إلى التمثيل السياسي الحزبي، بما يلبي حرفيا رؤية جلالة الملك للإصلاح السياسي والحكومات البرلمانية بوجود مجلس نواب تتنافس فيه قوى سياسية وبرامجية تتداول بينها على السلطة التنفيذية. وبهذا المعنى، فإن جبهة العمل تقدم فعلا المشروع الإصلاحي الوطني على المصلحة الخاصّة. لكن الرئيس يقدم وجهة نظر مثالية ومعلقة في الهواء، تقول إنه ليست وظيفة القانون أن يحمل القوى السياسية، ويجب أن لا ينبني على حسابات سياسية تجاه الإسلاميين أو غيرهم.
نحن نحب، في المقابل، أن يأتي الرئيس معنا إلى المشروع الأفضل بلا منازع من وجهة نظرنا، وهو نظام التمثيل النسبي بالقوائم المفتوحة في المحافظات. ويمكن أن نتنازل إلى صيغة القوائم الحرّة، وهي نظام 89 من حيث التصويت ونظام التمثيل النسبي من حيث النتائج وتوزيع المقاعد (معمول به في سويسرا). ولنضع رأينا جانبا، لكن الرئيس لا يستطيع إطلاقا تجاهل مشروع لجنة الحوار الوطني التي كلفت رسميا ببلورة توافق وطني على صيغة اجترحتها بالفعل بعد شهرين من الحوارات المضنية، ولا أن يتجاهل صيغة قريبة لكنها تعطي نسبة أكبر للقوائم الوطنية المغلقة أجمعت عليها الأحزاب في ورشة عمل قبل أيام.
وفي أقصى الأحوال هو لا يستطيع أن يتجاهل الإجماع الوطني على مغادرة الصوت الواحد ليس للعودة 22 عاما للوراء، بل إلى أحد أشكال النظام المختلط بين النظام الأغلبي والنسبي. وانطباعنا أن الأمر لم يعد يتعلق بـ"الإقناع"، بل بالتفاوض والمساومة على حل مشترك. فالرئيس يستطيع أن يضع ما يشاء من سلبيات النسبية، ونحن نستطيع أن نفعل العكس!! وواقع الحال أنه يجب المباشرة بجلسات متخصصة لبلورة صيغة توافقية معقولة، تقدم قبل نهاية هذه الدورة البرلمانية أو في دورة استثنائية قريبة.
jamil.nimri@alghad.jo
الغد