كم جميل لو أنك بينهم الآن وعليّ الخبز والحلاوة يا معالي الوزير!!!.
..........
كلما ارتشفت عناوين الفوضى وأخبار الأفّاقين صباحا أجِدُني كمن يخلع جدرانه ويطير.. كمن يسقط في عتمة البعيد الذي لا يعرفه .. لا يفهمه ..لم يبحث عنه ولم يشتهيه..
أُحرِّض شعوب الرّمل على الصحو فلا يستيقظون..
وفي حين يملأ خُطوتي ويقيني عشب الحياة، فإنهم لا زالوا كما هم قاحلين يحلمون بغيومٍ من ممتلكات البئر وارتواء من كمين العطش...
هي مُقدّمة خاصّة بمن لا زالوا نائمين كرضيعات العرائس يأكلون مع الملائكة الأرزّ بالحليب حينا ويتقاسمون مع الشياطين لحوم أجسادهم ونخب أرواح أسلموها –طواعية- للجحيم..
وإلى أولئك الذين استيقظوا حديثا رغم ذلك الكسل المُضحك المُبرّر.. وذاك التواطؤ الوقح المثير للسخرية بمباركة من دور الإفتاء وشيوخ السلاطين بعد أن قدّم لهم القراصنة وجبة من دوار البحر بأطباق فاخرة مستوردة.. خرائط الوصول إلى كنز الجُزر الموعودة في قيعانها قُرب مؤخّرة جولييت تماما..
قد لا أكون مُنصفة إن لم أتحدّث إليك ببالغ الاحترام ولو بدوتَ لي قاحلا بتغاضيك عن حقيقة وأهمية ما ستُقدّم لنفسك ولوطنك ومن سيكبُرون بك او سيصغرون بمواقفك وقراراتك وخطواتك وثوابتك أنت..
فما الذي سيتبقّى لك حين تمضي – وكلّنا ماضون-..؟
فليذكُرك القادمون بزهو وكبرياء.. وأجدك أهلا لهذا.. إن اخترت أن تنتمي لأهل السماء..
قد أتجاوز حدّي إن وصفتك بـ"الهشّ الضعيف المُنقاد المُسيّر الباحث عن مباركة قصر لست تنتمي لدناءة من يتقافزون في حظيرته ويتسلّقون أركان عرشه ويُصلّون له ويستسقون" .. فأنت أكبر من هذا وأجلّ من أن تنتمي لطابور المُخادعين النُّجباء.. وإنه لمن الكياسة يا ابن هذه الأرض الطيّبة أن لا تكون كذلك في زمن رديء تتآمر فيه العناصر كلّها على بني قومك وكرامته وقوته..
وتأكد يا ابن العمّ أن من لم يكن من الشعب ومع الشعب فإنه ولا ريب سيجد نفسه وحيدا ..بائسا مهجورا ومنبوذا حين ترحل عنه كواكبه ومواكبه وأقلام المأجورين .. وكُلٌّ إلى زوال كما تعلم ويعلمون..
سأخاطبك بهدوء – ما استطعت إلى ذلك سبيلا- لا لأنّك تحمل حقيبة وزارة الداخليّة ولا لأنّك تمتلك حقّ اقتيادي مخفورة ولا لأنّك بهيّ الطلّة واثق الخُطوة تتحدّث إلى بعض بني قومك بتعالٍ لا يليق بك كرجل ينتمي لقوم أحرار.. فكيف تصِف من يطالب بحقّه بالمُطبّل وأنت تعرف جيدا أن أكبر طبلٍ عرفه التاريخ الأردنيُّ.. منصوب هناك .. أمام حضرة الملك.. ولا يملك حقّ التطبيل عليه إلا من ولدوا مُطبّلين واحترفوا ذلك وأجادوه وراثة أبا عن جد أو عمّن حُسبوا عليه أو دخلوا كتلاميذ مؤهّلين لتلقّي علوم التقرّب للسلاطين ..
أخاطبك بمحبّة ابنة بلد تعرف جيّدا معنى بلد.. أخاطبك لأنّك جزء من أولئك الذين يدركون قيمة الإخلاص .. أهميّة الصدق .. ضرورة النقاء ويعملون ببصيرة أبناء الأرض..
أولئك الذين يفهمون معنى المسؤولية العامّة بأن تكون مُهذّبا مع كل العناصر والأشياء والكائنات والمرافق والممتلكات ويفهمون أيضا معنى المسؤولية الخاصّة فيصلحون أنفسهم ويُطوّرون أدوات بقائهم وبقاء بلادهم بتقبّل واعٍ وخطوات متحضّرة...
والاعتصام في الطفيلة بدأ سلمياً بشهادة الجميع وبيقين الأكثرية وبإجماع حتى اولئك الذين يُشوّهون المقاصد ويُحرّفون الحقائق ويُحلّلون بدناءة من لا يعنيه من أمر الحقيقة شيئا ويعتبرون أي كائن بعيد عن العاصمة هو همجيّ بالسليقة حيث بساطة المولد والمنشأ وطريقة التربية وأسلوب الحياة.. مع أنك ولدتّ أنت هناك وولد على مقربة من هناك عظماء قومي من هزاع وحابس وأخوة خضرا وعليا ووصفي التل ومن سبقه ممن لم يصلني خبر عنه بعد ..
نعم جرى احتكاك بين المحتجين وقوات الدرك بعد تدخل أشخاص بهدف محاولة فض الاعتصام مما أدى إلى قيام قوات الأمن باعتقال عددٍ من المشاركين في الاحتجاج، وعلى إثرها توالت الأحداث بسرعة من ملاحقة لقيادات الحراك واستفزازات انتهت بمشاهد مؤسفة من إحراق للسيارات والدواليب في وسط نهار الاثنين.
لكن الأمور سرعان ما اتجهت إلى التهدئة بعد تدخل سياسيين لهم مصداقيتهم في الشارع بالتعاون مع قيادات الحراك الشعبي في الطفيلة وبعد وصول معلومات عن وعود رسمية بوقف الإجراءات الأمنية وبالتالي تم احتواء ومحاصرة الموقف.
المفاجأة جاءت بعد منتصف ذات الليلة بقليل عند اعتقال الناشط مجدي القبالين فيما كان يشارك مع عدد من قيادات الحراك بتنظيف الشوارع من آثار أعمال العنف وذلك بعد أن بدأت الأمور تتجه إلى الحل والتهدئة.
كان بإمكان الجهات الرسمية أن تتجنّب لو فتحت باب الحوار ولم تلجأ إلى الاعتقالات ومثلها من الوسائل التي أثبتت فشلها في احتواء أزمة تتعلق بمطالب معيشية في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية.
ولم تتوقّف ملاحقة واعتقال عدد من قيادات الحراك مثل فهد وأيمن العبيدين.. سائد العوران.. وياسر السبايلة.. إضافة إلى القيادي الطلابي مجدي القبالين.. وتكمن الغرابة في أن قيادات الحراك بالذات بذلت كل جهد لمنع العنف ووقف التصعيد سواء من خلال النداءات التي كانت توجهها عبر الفيس بوك أو الاتصالات مع السياسيين في عمان لتطويق الموقف أو من خلال التحرك المباشر في الشارع خوفا من انفجار له علاقة بتخطيط سياسي أو تنظيمي.
ومع الشكر للكاتبة " لميس أندوني" التي عرفت من مقالتها تسلسل ما حدث بحيادية واضحة أردّد معها ذات السؤال الأكبر: لمصلحة من يتم مثل هذا التأزيم..؟ في وقت بدا فيه أن النظام يحاول احتواء الغضب الشعبي في ضوء مخاوف حقيقية من تدهور الأوضاع المعيشية لفئات واسعة من الأردنيين.. وإذ بنا نرى دلائل عودة العقلية العرفية بالتعامل مع الأزمات ومع مشكلة كان يمكن حلها بوسائل أكثر هدوءاً وروية..؟؟؟
هناك من يحاول التشويه ومن هو حريص على الهدم .. فلهم
أبواقهم وتلك نارنا المُقدّسة في الهناك الذي يُشبهنا والذي خرجنا منه وننتمي إليه ونفاخر به..
نداءاتي توقد قناديلا بحقيقيّة ما أحلُمُ به وما أرفضُه وأُقاومه وأحتجُّ معه وبه وفي سبيله..
أمّا قهقهاتهم الموبوءة بأجر أو مسعى فهي آثامهم وحدهم... وسنرى من ستحتفي به الشمس يوما بوداعها الأخير..!!
ولد الحراك في الطفيلة ناعما كأي حراك أردنيّ والرفض الناعم ثورة صادقة بلا شك.. فلا تتّهم أحدهم بالجـُبـْنِ فلربما لن يصمت كلّ الوقت.. ولطالما فعلت واتهمت بني قومي بذلك عن جهل مني ورعونة وطيش.. ولكني فخورة بكل ما هم عليه الآن..
ولد الحراك من رحم الفقر والجوع، وكان الأب الشرعيّ له هو ذلك الشعور العميق بغياب العدالة واستحالة أن يُنصفك كبير قومك دون أن تقرع نافذة صباحه فتعكّر عليه لذّة النوم على مقربة من حسناوات الصيف..
إلى أولئك الذين استقبلتني عيونهم وأنا مندوبة صحفية مبتدئة قرّرت أن تغزو الجنوب يوما بعيون تنتمي للجهات كُلّها..
وتعرف من "لكنة" كبير كل قرية ومختار كل عشيرة كم هو جاهز لتقديم كُلّ ما في المرعى في سبيل وليمة تليق بزائرة تحمل "خريطة الوطن" بين عينيها الصغيرتين القلقتين الحالمتين..
لا ينقصك الذكاء لتقدير ما عليك فعله في مرحلة كهذه..
ولتعلم أن للتسكّع طقوساً لا يُتقنها إلا الفقراء المُتلعثمون بأسماء أبنائهم ومطالب أبنائهم وأحلام أبنائهم بدراسة الطب أو زيارة العقبة مرّة كل عامين..
للمُتسكّعين الأوائل فضل علينا ولا ننسى فضل الأولين ولن نكون الآخرين..
فهل لديك جاهزيّة لأن تتخذ موقفا لن يُنسى لك..؟ وهل تملك حقّ اتخاذ قرار أم أن هناك وزيرا للداخلية في الظل لن يُعجبه انحيازك للحقيقة والحق ومن خرجوا من أجل ذلك!!!..
نعم ثمّة نعمة في أن تكون آمنا في بيتك وفي وطنك في عملك وفي جامعتك.. ولكن أو ليس هناك أمن غذائي واجتماعي ودينيّ وثقافي.. فهل نحن آمنون تماما ..؟ وهل بقاؤنا أحياءً وعدم ذبحنا وذبح أبنائنا حتى الآن مكرمة ملكية محروم منها كلّ أهل الأرض إلا نحن..؟
فلتبحث في حقيقة الأمر يا سيدي والى حين ظهور الحقيقة أو ليس تكفيل المُتّهمين الذين يُشار –منذ البداية- لسلمية حراكهم وسموّ أخلاقهم حقٌّ قانوني وإنسانيّ ووطنيّ ..؟