لم يكن ينقص زهران زهران شيء، فقد أورثه والده مالاً وعمارة ومزرعة وسيارات، ولكنّ روحه كانت مأسورة بالتصوير الفوتوغرافي، وكثيراً ما كان يحمل كاميراته المتطوّرة فيُرافق خليل المزرعاوي في عمله اليومي، ولم تكن صوره لتجد طريقها للنشر، فقد كان مجرّد عاشق لا يريد من معشوقته سوى الوصل.
وحين بدأت بالبحث عن فريق لمسائية “آخر خبر”، لم يرد في ذهني رئيس قسم تصوير سواه، وإذا كان من غير المتوقّع أن يترك رجل أعمال رزقه من أجل وظيفة، فقد فاجأني زهران بالقبول، بل وعبّر عن شعوره بالعرفان، لأنّني حقّقت له أمنية العمل في مكان يحبّه كما قال، وهذا ما كان، ومن الطبيعي أن يُصبح نجماً في المهنة بلمح البصر.
وإذا كان للذكريات أن تتداعى، فلا يمكن أن أنسى صورة انفرد بها، وتصدّرت الصفحة الأولى، وتُظهر سياحاً أجانب صنعوا من أغطية الأسرة حبالاً، وهم ينزلون عليها من الطوابق العليا في فندق عمّاني فاخر، لسبب حريق، وأيضاً صورة جنود أردنيين يؤنبون جنوداً إسرائيليين على الجسر الخشبي لسبب ما.
زهران مضى في مهنته واثقاً مُبدعاً، حتى أتعب المرض اللعين، جسده الضخم، وبنيته الواثقة، وستظلّ المهنة، ويظلّ الزملاء يحتفظون له بسيرته الملأى بالكرم والأخلاق، وسأظلّ أنا أتذكره واحداً من خُلاصة أصدقاء لم يتنكّروا أو يتكبّروا، وأعزي نفسي بعد أن أتقدّم بالعزاء لأهله ولأخيه الحبيب خليل المزرعاوي.