النواب الـ33 .. خسروا "الفوسفات" وربحوا "التجمع"
فهد الخيطان
15-03-2012 04:49 PM
لم تكن الاستقالة من مجلس النواب فكرة صائبة من الأساس. وقد فعل النواب الـ33 حسناً عندما تراجعوا عنها، وأصابوا عين الحقيقة عندما تقدموا خطوة إلى الأمام بتشكيل تجمع من أجل الإصلاح، بدل التراجع أمام قوى الشد العكسي.
الرأي العام أخذ علما بموقف هؤلاء النواب من قضية الفوسفات، وقدّر وقفتهم تحت القبة. وعلى الناخبين تذكر ذلك عند الاقتراع في الانتخابات المقبلة. وفي المحصلة، فإن النواب الـ33 غير مسؤولين عن نتيجة التصويت على تقرير الفوسفات؛ المسؤولية تقع على عاتق الأغلبية، وتلك هي قواعد اللعبة الديمقراطية وعلينا احترامها، بصرف النظر عن ملابسات التصويت ودوافعه.
الشيء المؤكد أن التصويت تحت القبة ليس نهاية المطاف، وسيبقى الملف مفتوحا في المستقبل. والتحقيقات الجارية من قبل هيئة مكافحة الفساد والادعاء العام بشأن مرحلة ما بعد الخصخصة، ربما تقود المحققين إلى الوراء قليلا لنبش ملف الخصخصة.
وأكثر من ذلك، يمكن القول إن قضية خصخصة الفوسفات أصبحت خلفنا بالنظر إلى حجم التجاوزات التي أظهرتها تحقيقات هيئة مكافحة الفساد في شركة الفوسفات بعد خصخصتها.
نهاية المواجهة على ملف الفوسفات لم تكن خسارة صافية؛ يكفي أن 33 نائبا في البرلمان وجدوا أنفسهم شركاء في تجمع من أجل الإصلاح؛ هذا فوز كبير ينبغي عدم التفريط فيه.
مهمة البرلمان في الأشهر القليلة المتبقية من عمره هي إنجاز حزمة تشريعات الإصلاح السياسي، والتي تمهد الطريق لدخول البلاد مرحلة جديدة.
وقد أشار أحد نواب "التجمع" جميل النمري، خلال المؤتمر الصحفي، إلى أن النواب كانوا يفكرون قبل قضية الفوسفات في تشكيل ما يشبه "اللوبي" لتمرير القوانين الإصلاحية ومحاربة الفساد. وفي بيان إشهار التجمع، وصف النواب الـ33 أنفسهم بأنهم "دعاة إصلاح لا دعاة تأزيم".
لا شيء يمكن أن يعوض خسارة معركة الفوسفات سوى العمل من أجل إنجاز منظومة عصرية وتقدمية للإصلاح السياسي، تؤسس لمرحلة يكون الشعب فيها مصدرا للسلطات.
النواب الذين أسسوا التجمع جاؤوا من مشارب مختلفة، وبعضهم أعضاء في كتل برلمانية قائمة، لكنهم في لحظة سياسية فارقة التقوا على هدف واحد. ووسط خليط من مشاعر الإحباط واليأس، وصلت إلى حد التفكير في تقديم استقالات جماعية، تولد شعور بالتحدي عبّر عن نفسه بفكرة التجمع.
لكن هذا الشعور على أهميته ليس كافيا لاستمرار التجمع وديمومته؛ فمع مرور الوقت ستهدأ النفوس وينشغل النواب بقضايا أخرى، ويُخشى أن ينشغلوا عن التجمع أيضا. ولذلك، يتعين العمل على مأسسة الفكرة، ووضع إطارعام للعمل، إلى جانب توسيع مظلة التجمع لتشمل كتلا برلمانية وشخصيات مستقلة تشكل مجتمعة تيارا نيابيا عريضا يتولى إنجاز قوانين الإصلاح.
fahed.khitan@alghad.jo
الغد