يذبحون الاردن من اجل " ملاليم " .. !
خالد فخيدة
15-03-2012 02:01 PM
في مصنع طباشير الكرك، رسم نشامى ونشميات ابتسامة على وجه " ابو حسين " طالما اشتقنا اليها منذ عام وبضع اشهر من صياغة مشهد الربيع الاردني الذي قاده جلالته لاجتثاث كل من يقف في طريق الاردن ومستقبله ونموه.
في هذه الفترة لوث بعض اصحاب الصوت العالي ممن ركبوا موجة الحراكات الشعبية في عمان وشقيقات لها من المحافظات تلك المنجزات الوطنية الفردية منها والجماعية، واخذونا للحظات الى بقعة قاتمة يعمل الاردنيون من شتى الاصول والمنابت على ازالتها من لوحتهم التي شكلوها من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب، بانجازاتهم ودمائهم من اجل وطنهم وسيادته واستقلاله.
المعشر والمصري والطباع وقعوار وبدير ونقل وغيرها من العائلات التي تحظى باحترام شعبي واسع، لا ينكر اردني واحد دورها في بناء الوطن اقتصاديا. وثراء هذه العائلات ليس طارئا مثل الذين يضغط الشارع على الدولة لمحاكمتهم، فهي كانت لبنات اساسية في بناء الدولة اقتصاديا حينما كانت العشائر والعوائل الاخرى تخوض معركة تحرير الارض لتحقيق الاستقلال وبناء الدولة الشاملة.
ولذلك فان ينسحب مستثمر اجنبي من البلاد فهذا امر وارد لان الحسبة تخضع للربح او الخسارة، ولكن ان يوقف المعشر او المصري او الطباع مشروعا استثماريا بعشرات الملايين، فهذا الخطر بعينه على الاقتصاد لان هؤلاء ركائز اقتصادية تعاملوا مع الاردن دوما وطنا وليس حقيبة سفر. فارصدتهم في بنوك سويسرا واوروبا صفرا لانهم يملكون الملايين في حسابات بنكية اردنية يتشارك معهم فيها مئات الالاف من ابناء الاردن موظفين وعمال من كلا الجنسين.
وهذه العوائل التي لا تنكر ان لحم اكتافها من خير الاردن وعطاء ابنائه، تحول ارباحها وايراداتها من استثماراتها الخارجية الى داخل البلاد لايمانها بان الاردن وطنها وليست الحسابات البنكية الاجنبية، ولكنها ستشعر بالغربة لحظة اعتقادها بان الدولة تخلت عنها لتكون فريسة لمتنفذين لا يألون جهدا في ذبح الوطن من اجل تحصيل " الملاليم ".
غريب ذلك الصمت الرسمي الذي اعقب توقيف رجل الاعمال صبيح المصري مشروع النجوى في وادي رم. فالاصل في مثل هذه الظروف ان تقيم الحكومة الدنيا وان تفرض هيبتها على اشخاص لا يهمهم توفير فرص عمل لابناء البادية الجنوبية بقدر ما يهمهم ان تمتليء جيوبهم من ابتزازهم الذي حرم جنوب الاردن من مشروع قيمته 70 مليون دينار اردني.
ان عدم قدرة سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة في اداء مهامها وترجمة الرؤية الملكية في استنهاض القطاع السياحي وتعظيم استثماراته وفق الاصول التي لم تتجاوزها شركة النجوى بدليل مخاطباتها المركونة في ادراج كبار المسؤولين في السلطة والتي لم يتم يتسلم اصحاب المشروع ردا عليها حتى الان، واستمرار تضليل ابناء البادية الجنوبية من قبل متنفذين هناك بان صبيح المصري وغيره "سطوا " على اراضيكم، لمنع تنفيذ اي مشروع الا بعد " دفع المعلوم " ، وهو ما رفضه وسيرفضه غيره من الاثرياء الذين يعتبرون انفسهم " ابناء بلد ".
و قرار صبيح المصري بتوقيف مشروع النجوى قضية تستحق التحقيق من قبل هيئة مكافحة الفساد. فالفساد ليس سرقة المال العام فقط وانما ان يحرم اصحاب مصالح خاصة الاردن من اقامة منتجع سياحي فريد من نوعه يوفر لابناء منطقة رم 200 فرصة عمل ويدر على خزينة الدولة الملايين من العملات الصعبة، فهذا بحد ذاته محاولة ليس لذبح الاستثمار وانما ذبح للوطن من الوريد الى الوريد.
مناعو الخير عن الاردن والاردنيين من ابناء جلدتنا فتح المجال امام بنوك عربية تعمل في سويسرا على استقطاب رؤوس الاموال الاردنية الوطنية وتحديدا تلك العوائل لاعتقادها بان الاردن في حالة فوضى وانها الاقدر على توفير الامن لثروات تلك العوائل التي لا زالت بين ايدي الاردنيين.
والسؤال، كيف سنشجع المستثمر الخليجي والعربي على توطين امواله في الاردن في الوقت الذي عطل فيه اصحاب المصالح الخاصة مشروعا استثماريا لرجل اعمال من عائلة اردنية عريقة؟. والى الباشا سميح بينو اقول .. " ميشان الله حقق في القضية".