ما الطريق لحزب وسطي كبير؟
محمود الريماوي
05-02-2007 02:00 AM
بدلاً من المسارعة لتشكيل حزب وسطي كبير ، كما تم الاعلان عن ذلك في اليومين الماضيين ، ربما كان من الأفضل تشكيل ائتلاف انتخابي من الأحزاب الوسطية ، لخوض الانتخابات النيابية المقبلة . خاصة أن الهدف الآني والعملي المعلن ، هو الاستعداد للمشاركة في الانتخابات على أساس حزبي . وهو توجه محمود وطيب ، رغم أن الانتخابات كما هو بادٍ سوف تجري على أساس القانون الساري للصوت الواحد ، والذي لا يفسح كبير مجال للتنافس الحزبي في هذه المباراة الوطنية الديمقراطية . ومع ذلك فلا بد من المحاولة ، الى أن يتحقق الهدف باجراء انتخابات قادرة على فرز تمثيل سياسي لا مناطقي وفردي فحسب .لم تنجح تجارب جمع الأحزاب الوسطية ، والشاهد على ذلك هو الحزب الوطني الدستوري الذي بدأ بنحو 14 ألف عضو كما ذكر المهندس عبدالهادي المجالي في أحد لقاءاته ، وانتهى الأمر بعدد يقل عن الألفين وربما أقل من ذلك . حتى أن هناك من تحدث صراحة عن الحاجة لعدم تكرار تجربة الدستوري الاندماجية غير الناجحة .ذلك أن جمع الأحزاب مع الأمل بأن يؤدي الجمع والحشد الى تغير أو وزن نوعي ، أثبت أنه ليس الوسيلة الناجعة . فالمهم هو التجديد في البرامج والآليات ، واجتذاب الأجيال الجديدة للإنضواء في العمل الحزبي المنتج غير الشعاراتي ، والبرهنة لهؤلاء أي لجيل الشبان ، أن الانشغال بالعمل الحزبي ليس مضيعة للوقت ، كما يفكر كثيرون منهم وقد يكون الصواب الى جانبهم .
كان يمكن أخذ فكرة دمج الأحزاب الوسطية في حزب موحد كبير ، بجدية أكبر لو تمت مراجعة تجربة الدستوري ، ولو جرى اعتماد مبدأ النقد الذاتي للوقوف على أسباب التعثر ، والمقصود الأسباب والعوامل الداخلية ، وليس الاكتفاء بتناول جانب واحد من المسألة يتعلق بضعف التشجيع الرسمي ، وأحياناً عرقلة ازدهار الحياة الحزبية بدعاوى وأساليب شتى ، فيما الخطاب الرسمي الحكومي المعلن ينطق بعكس ذلك . من هنا فإن التحذير من تكرار التجربة يكتسب وجاهة جدية ، فالحياة الحزبية الطموحة لا تحتمل انتاج أشكال جديدة من البيروقراطية ،إلا إذا تعلق الأمر بحزب شمولي مثلاً . على خلاف ذلك فالحياة الحزبية هي حقل للتفكير الحر والخلاق ، وتفتح الذات السياسية ، وتزكية الروح الجماعية في العمل والاحتكام اليها والاسترشاد بها ، مع الإفساح في المجال للمبادرات الفردية . والتصحيح يبدأ من الذات قبل دعوة الآخرين اليه .
وإلى ذلك فإن الدمج والتوحيد ، يتطلب تفاعلاً بين الأحزاب المقصودة ، وخاصة بين المرتبات الوسطى ولدى المستويات القاعدية ، ولن يفيد الاتكاء على قرارات وتوجهات فوقية للقيادات ، لكي تقرر بالنيابة عن الجسم الحزبي كله . وذلك دون التقليل من جدارة القيادات أو بعضها على الأقل ! .
أن الطموح لتشكيل ثلاثة تيارات حزبية كبيرة : يسارية قومية ووسطية وإسلامية ، هو طموح مشروع بل وتوجه استراتيجي واجب ، غير أن هذا الأمر لا يتحقق بمجرد امتلاك الإرادة ولا حتى النوايا الطيبة لذلك لدى القيادات ، فالعمل الحزبي عمل طوعي ، مما يملي تنامي القناعات بهذا التوجه لدى جمهور الأحزاب المعنية . وهو ما يتطلب عقد مؤتمر حزبي كبير لممثلي الأحزاب الوسطية وربما بعيداً عن أضواء الإعلام ، مع حسن التحضير له ، وتمكين المؤتمر من أخذ الوقت الكافي لإنضاج الفكرة ، عبر قناعات فعلية واستعداد للتضحية بالذات الحزبية لمصلحة بناء حزب كبير وفاعل ، لا مجرد تنحية قيادات وتمكين أخرى . وسوى ذلك فقد يكون من الأوفق الإكتفاء في هذه المرحلة ، ببناء ائتلاف انتخابي من أحزاب الوسط في وقت مبكر.
mdrimawi@yahoo.com