رسالة الى "عمون" .. الحرية لا تتجزأ ..
المهندس مالك نصراوين
09-10-2007 03:00 AM
قبل اسابيع فقط ، شاء حسن الطالع ان اتعرف على موقع "عمون" الأردني ، من خلال اعلان عنه في صحيفة الرأي ، فكان منذ الوهلة الاولى مفاجئا لي بتميزه ، اعتبره الاول اردنيا ، من حيث سقف الحرية المتاحة له ، وتنوع مواضيعه ، وتركيزه على الشأن المحلي الى حد كبير ، وسرعة تغطيته للخبر ، والجرأة في تناول المواضيع التي كانت تعتبر من المحرمات ، اضافة الى نشر تعليقات القراء عليها ، وبحرية فوق العادة ، كل ذلك يساهم في تعزيز الانتماء الوطني وتعميقه ، ويشعر المواطن الاردني انه اصبح فاعلا في هذه الساحة الاعلامية ، لا متلقيا من الاخرين فقط ، وان الحرية اصبحت غذاءا يوميا للمواطن الاردني ، يفاخر بها الدنيا كلها . ومن خلال التعرف على القائمين على الموقع ، من خلال كتاباتهم ، يزداد الفخر بوجود هذه النخبة الشبابية المثقفة ، التي تحمل الهم الوطني بكل عقلانية ، وتسعى لرفع شأن الاردن ، ولا يملك المرء امام حماسهم ووعيهم وفكرهم التقدمي ، الا ان يحس بالمحبة لهم والفخر بهم ، والتقدير لصدق وطنيتهم وانتمائهم .
منذ ذلك الوقت الذي تعرفت به على "عمون" ، اصبحت من المواقع الالكترونية المفضلة ، اطالعها كل يوم ولاكثر من مرة ، حيث التجدد الدائم ، الى ان تفاجأت يوما بنشرها احد المقالات التي كتبتها في موقع www.abouna.org ويدور حول معاقبة المجاهرين بافطارهم في رمضان ، وكان اكثر ما لفت انتباهي وشدني ، هو تعليقات القراء على المقال ، فاحسست انني امام بث حي ومباشر ، حيث التفاعل مع القراء تلمسه امامك في نفس اللحظة ، وهذا بالتاكيد يولد شعورا مختلفا عما يكون عليه الحال ، عندما لا يكون هناك تعليقات من القراء ، وهو ما يشبه الفرق بين العمل المسرحي والسينمائي ، حيث يلمس الفنان من خلال الاول رد الفعل المباشر ، بينما في الثاني يكون مؤجلا .
لقد ادركت لاحقا ، ان هناك معارك تخوضها " عمون " من اجل الحرية ، بعد ان اطلقت حملة للمؤازرة ضد فرض الرقابة على الصحف الالكثرونية ، الى انتصر جلالة الملك لها ، فالحرية دائما لها اعداء ، وهي بالتاكيد لا تروق للبعض ، ممن تصطدم مصالحهم مع اجواء الحرية الاعلامية ، فكان التضامن مع هذه الحملة هو امر طبيعي ، بعد ان دخلت " عمون " العقل والقلب معا .
هذه المحبة وهذا الاعجاب ل "عمون" لا يمنع ان ادون بعضا من الملاحظات على امور تبدو سلبية الى حد ما ، حتى يكون هذا الموقع كما نتمنى له ، فلا يخرج عن اخلاقيات شعبنا التي نعتز بها ، فمن تعليقات القراء على بعض الاخبار ، المس خروج البعض في تعليقاتهم عن الاطر الاخلاقية ، من خلال التجريح وذكر الاسماء ، وحتى التشهير بالموتى ، الذين لا تجوز عليهم الا الرحمة ، لذلك اتمنى على ادارة الموقع "فلترة" الردود ، وحذف المسيء منها .
اما في مجال الحرية ، التي هي عنوان الموقع ، فقد لمست تجزئة لها ، لقد قرأت خلال الايام الماضية ثلاثة انباء عن انتهاك حرمة شهر رمضان ، الاول كان في المطار ، حيث لاحظ معد التقرير مجاهرة العديد من رواده بافطارهم ، اما الثاني فكان عن مطاعم بابايز وكنتاكي في عمان الغربية ، حيث اورد التقرير انها كانت تقدم الوجبات السفرية نهارا ، وقبل موعد الافطار بكثير ، مما يدل على انها لغير الصائمين ، ولم يكن ذلك هو الامر المعني في التقرير ، بل وجود
اشخاص يتناولون وجباتهم داخل صالات تلك المطاعم ، واخر تقرير كان عن مستشفيات خاصة في عمان ، تقدم فيها الكافتيريات المشروبات الساخنة والباردة ، وقد وضعت هذه الانباء تحت عناوين عريضة ، وتدعو في نهايتها الجهات الرسمية للتدخل.
اود هنا ان اقول ، وكما كان موضوع مقالي السابق الذي نشر في موقعكم ، انه يلزم الاتفاق على شكل الانتهاك الذي يستحق العقاب ، وعلى ظروف الناس الذين يمارسون هذا الانتهاك ، وعلى ماهية الرد ، ان لزم الرد على مثل هذه الامور ، وضرورة التمييز بين الحرية الشخصية ، التي يترافق مع ممارستها وجود مبررات قاهرة ، مع وجود الاحترام لمشاعر الصائمين ، وبين الانتهاك السافر لهذه المشاعر ، فعلى سبيل المثال ، فان مطاعم بابايز وكنتاكي هي مطاعم مغلقة على الاغلب ، وفيها صالات مغلقة ، ولا اعتقد ان هناك صائما واحدا في كل الأردن سوف يدخل هذه المطاعم اثناء النهار ، ربما بعد الظهر لطلب وجبة افطار ، وبالتالي فان وجود اشخاص محدودين يتناولون وجبات داخل المطاعم هذه ، لن يؤذي مشاعر صائمين لم يشاهدوا ذلك ، ويجب الا ننسى في خضم الالتزام باحترام مشاعر الصائمين ، الحديث النبوي الشريف الذي يقول : "اذا ابتليتم فاستتروا" ، وعليه فلا يجوز اقتحام اماكن استتار من اضطرتهم الظروف للافطار ، وبغض النظر عن اسباب ذلك .
اكرر مجددا التحية لموقع الحرية ، موقع "عمون " ولكل القائمين عليه من خيرة شباب الاردن .
m_nasrawin@yahoo.com