يبدو ان هذا العام سيكون عاما للحراك السياسي الاردني بامتياز ، فمن الانتخابات البلدية في شهر آب المقبل الى الانتخابات النيابية في الربع الاخير من السنة سيكون الاردن ورشة عمل سياسية واجتماعية دؤوبة.
ويبدو ان الاصوات التي كانت تتذرع بما يجري في المنطقة لتأجيل الانتخابات او التمديد لمجلس النواب الحالي قد نحيت جانبا ، وتم الاخذ بخيار اجراء الانتخابات باعتبار ان الحل الوحيد لمشاكل الديموقراطية هو بالمزيد منها.
فاذا كانت المناطق التي تقع في أتون اللهب مثل فلسطين والعراق قد شهدت انتخابات على مستويات مختلفة ، فليس من الحكمة ان تؤجل الانتخابات في بلدان الجوار بدعوى الخشية من تداعيات هذه الاحداث المضطربة.
ومعروف ان منطقتنا لم تشهد طوال نصف القرن الماضي فترة استرخاء حقيقية او حقبة مثالية من الاستقرار ، فقد عصفت بهذا الجزء من العالم أحداث ساخنة متلاحقة طوال العقود الماضية ، واذا كنا نرنو الى هدوء واستقرار كاملين لاجراء الانتخابات ، فربما يطول انتظارنا.
المهم ان الخيار قد حسم الآن على ما يبدو باجراء الانتخابات النيابية والبلدية هذا العام ما يحتم على الجميع الخروج من حالة الاسترخاء ورفع وتيرة الاداء على كل المستويات والتحلي بأعلى درجات الوعي والانضباط والمسؤولية الوطنية.
ورغم انه من المبكر الحديث عن الشعارات والبرامج ، الا ان تركيز المرشحين يجب ان يكون على البرامج الوطنية وعدم الانجرار وراء الشعارات التي تحاول توظيف سخونة الاجواء في المنطقة لصالحها ، فمقياس الاختيار يجب ان يكون وطنيا ، اي بمعنى ماذا يستطيع ان يقدم هذا المرشح او ذاك من خدمات لدائرته الانتخابية ووطنه بعيدا عن المزايدات السياسية التي قد تستثمر حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة لخدمة اهدافها الانتخابية.
لقد بلغ المواطن الاردني درجة من الوعي بحيث يستطيع تمحيص الشعارات واختيار الاصلح من المرشحين على أساس تاريخهم العملي وما قدموه في الماضي لوطنهم وما يستطيعون تقديمه في المستقبل.. فهو سيتوجه الى صناديق الانتخابات النيابية للمرة الخامسة منذ استئناف الحياة الديموقراطية.. ولا شك ان هذه التجارب تزيده خبرة وحنكة وفراسة.
ان احترام العملية الدستورية رغم ظروف الاقليم أمر يسجل بكل ايجابية لقيادتنا الهاشمية الحكيمة ، حيث عبر جلالة الملك في خطاب العرش عن حرصه على اجراء الانتخابات.. ويبقى ان يتحلى المواطن بما عرف عنه من وعي بعدم السماح لأحد بتوظيف ظروف المنطقة لتحقيق مكاسب سياسية والتأكيد على ان معيار اختيار المرشحين يقوم على اسس موضوعية بمعزل عن المزايدات السياسية.